![]() |
في انتظار غودو ( نزف قلم : محمد سنجر )
منذ رحل الرجال الرجال الرجال و لم يعقبوا ، يشرق البدر كل ليلة على استحياء ، تصطف النساء و الأطفال بين الحقول ، تتسابق نظراتهن إلى حيث يقع ظله الممتد يلامس الأفق فوق الحقول ، يحدوهن أمل القفز كأسلافه فوق حصانهم الأبيض ، يمتشق سيفهم البتار ، يرد عنهن جيوش التتار ، تحاول النسوة بالغناء تارة ، بأشعار عنترة أخرى ، بالتودد ثالثة ، ساعات تمر عليهن سنوات ، و يغرب البدر حاملا خيبة الأمل ، عندما تشرق الشمس على وجهه السلبي ، تأتي الغربان لتقف على رأسه ، لا تأبه به ، تفض أغشية كيزان الذرة الغضة ، تلتقط معسول حباتها الندية حبة حبة ، تستصرخه النساء ، و لكن ، لا حياة لمن تنادي ، ما تلبث أن تتوسط الشمس كبد السماء ، تشتد الحرارة ، يتمنين أن يتساقط العرق على جبينه و لو مرة ، و لا فائدة ، تودعهن الشمس حسرة بأشعتها البرتقالية ، يهبط الظلام ، يكفنهن بأشرطة الخوف السوداء ، تنعق البومة الواقفة فوق أعمدة الهاتف الممزق الأسلاك ، تتسلل ( السلعوة ) خلسة من بين الحشائش ، تتساقط من أنيابها لعاب السعار ، تخطف قلوب براءة أخواته النائمات إلى جواره ، تستصرخه الرجولة ، لا ترمش عينيه ، تمر الأيام و الشهور ، ينهش الخريف الأشجار المرتعدة بجواره ، تتشبث به واجفة هلعة ، يجردها من أوراقها ورقة ورقة ، لا يتحرك ، يأتي الشتاء ، تلتف حوله النساء و الأطفال ، يطلبون الدفء و الحماية ، برق يخطف أبصارهن ، رعد يغتصب أسماعهن ، يلتصقن به ، تهطل الأمطار بغزارة ، ترتعد النسوة من شدة الصقيع ، تخطف السيول الأطفال ، تغرقهم بدواماتها المتلاحقة ، و مازال يقف شامخا منتصبا دون حراك ، أيتها النائحات ، لا فائدة ، هل صدقتن أنفسكن ؟ فما هو إلا بنطال و قميص من ( الجينز ) ، حشوتهن بأيديكن ببقايا ملابسكن البالية ، رأسه جورب قديم لإحداكن ، فهل غرتكن قبعة ( الكاوبوي) التي توجتموه بها ؟ أم أنكن تنتظرن أن تدمع عيناه اللامعتان ؟ و ما هي إلا أزرار معطف إحداكن البلاستيكية ، أم تنتظرن أن يلين قلبه و ما هو إلا كيس قطني ؟ أيتها المضيعات عمركن هباء منثورا ، ما هو إلا ( خيال مآتة ) . |
الساعة الآن 12:10 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.