وقال الدارقطني إنه أشبه، وأصله عند البخاري عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل وميكائيل أتياه، فانطلقا به، وذكر حديثا طويلا، وفيه وأما الشيخ الذي في أصل الشجرة فذاك إبراهيم، وأما الصبيان الذين رأيت فأولاد الناس،
وفي رواية فكل مولود مات على الفطرة وُكِلَ به إبراهيم عليه الصلاة والسلام يربيهم إلى يوم القيامة، قال في المقاصد وقد بسطته في ارتياح الأكباد انتهى،
وتقدم بأبسط في حديث أطفال المؤمنين في جبل في الجنة - الحديث.
826 - أول ما يُحاسَبُ به العبد الصلاة، وأول ما يُقْضَى بين الناس في الدماء.
رواه النسائي عن ابن مسعود، وشطره الأخير عند الشيخين وأحمد وابن ماجه بزيادة يوم القيامة،
ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم عن تميم الداري بلفظ أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان قد أتمها<صفحة 310> كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها قال الله تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فيكملون به فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك،
ورواه الطبراني بسند جيد عن عبد بن قُرْطٍ بلفظ أول ما يحاسب به العبد الصلاة: ينظر الله في صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله
، وإن فسدت فسدت سائر عمله، وله أيضا عن أنس بلفظ أول ما يحاسب به العبد ينظر في صلاته فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت خاب وخسر.
827 - أول ما خلق اللهُ نورُ نبِيكِ يا جابر - الحديث
رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء. قال: يا جابر، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقُدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جِنِّيٌ ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول حَمَلَة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول السماوات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهى المعرفة بالله، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. الحديث. كذا في المواهب.
وقال فيها أيضا: واختُلِف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي أم لا؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لِما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء، فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم، فحديث<صفحة 311> عبادة بن الصامت مرفوعا "أول ما خلق الله القلم، فقال له أكتب، فقال رب وما أكتب؟ قال أكتب مقادير كل شيء" رواه أحمد والترمذي وصححه.
وروى أحمد والترمذي وصححه أيضا من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا: إن الماء خلق قبل العرش.
وروى السدي بأسانيد متعددة إن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا النور النبوي المحمدي والماء والعرش انتهى.
وقيل الأولية في كل شيء بالإضافة إلى جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها، وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام. انتهى ما في المواهب،
تنبيه: قال الشبراملسي ليس المراد بقوله من نوره ظاهره من أن الله تعالى له نور قائم بذاته لاستحالته ([في الأصل "لاستحاله" وهو خطأ مطبعي واضح. دار الحديث]) عليه تعالى. لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام، بل المراد خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد، وأضافه إليه تعالى لكونه تولى خلقه، ثم قال ويحتمل أن الإضافة بيانية، أي خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالى لكن لا بمعنى أنها مادة خلق نور نبيه منها، بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شيء في وجوده، قال وهذا أولى الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى {ثم سواه ونفخ فيه من روحه} حيث قال أضافه إلى نفسه تشريفا وإشعارا بأنه خلقٌ عجيب وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية انتهى ملخصا.