حرف الحاء المهملة
1089 - حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة.
هكذا اشتهر على الألسنة، وترجم به النجم، لكن ذكره في المقاصد وكثيرون بدون "من دنياكم ثلاث" وقال رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس رفعه، وكذا الخطيب في تاريخ بغداد مقتصرا على جملة جعلت إلخ،
قال ورواه النسائي عن أنس بلفظ الترجمة، والحاكم بدون جعلت وقال صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن عدي عن أنس بلفظ حبب إلي من الدنيا: النساء، والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة،
وأخرجه أيضا وأبو يعلى في مسنديهما وأبو عوانة في مستخرجه، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في سننه وآخرون قال كما بينت ذلك موضحا في جزء أفردته لهذا الحديث انتهى ملخصا،
ثم قال ورواه الديلمي بلفظ حبب إلي كل شيء وحببت إلي النساء إلخ، وذكر ابن القيم أن أحمد رواه في الزهد بزيادة وهي: أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن. قال وأما ما اشتهر من زيادة "ثلاث" فلم أقف عليها إلا في موضعين من الإحياء، وفي تفسير آل عمران من الكشاف، وما رأيتها في شيء من طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش، قال وبذلك صرح الزركشي، بل قال: زيادتها محيلة للمعنى فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقد تكلم الإمام أبو بكر بن فورك على معناه في جزء مفرد ووجهها فيه، وهذا يسمى عندهم طيا، وهو أن يذكر جمع، ثم يؤتى ببعضهم ويسكت عن الباقي لغرض كالتكثير فتأمل، وأنشد الزمخشري عليه:
كانت حنيفة أثلاثا: فثلثهم * من العبيد، وثلث من مواليها
وقيل الثالثة "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، فلا حذف.
وقال في المواهب: وقع في الإحياء والكشاف وكثير من كتب الفقهاء "حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت في قرة عيني في الصلاة"، وقال ابن القيم وغيره: من رواه "حبب إلي من دنياكم ثلاث" فقد وهم، ولم يقل عليه السلام ثلاث إذ الصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها بل هي عبادة محضة، نعم يصح أن تضاف إليها لكونها ظرفا لوقوعها فيها.
وكذا قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي تبعا لأصله، والولي ابن العراقي في أماليه إن لفظ "ثلاث" لم يقع في شيء من طرقه، بل هي مفسدة للمعنى انتهى ملخصا.
وأقول: في قولهم "بل هي مفسدة للمعنى" كقول الزركشي "زيادة ثلاث محيلة للمعنى" إلخ نظر وإن أقروه، بل المحيل زيادة "من دنياكم ثلاث" لا لفظ "ثلاث" فقط، فتأمل.
وقال الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفا: أخرجه النسائي والحاكم عن أنس بدون "ثلاث"، لكن عند أحمد عن عائشة: كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثلاثة أشياء: النساء والطيب والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب، ولم يصب الطعام. إسناده صحيح إلا أن فيه رجلا لم يسم، انتهى.