الرسول مربياً
((يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ))
هديتَنا لسبيــل الحقّ نسلكــهُ ** مسكتنا حبل هدي غير منصرمِ
أنت الإمامُ الذي نرجو شفاعتهُ** وأنت قدوتنا في حالك الظّلَمِ
كان مربّياً كملت مناقب المربي فيه، فهو رفيق في تعليمه ويقول:
(إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)
ويقول :
(ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه)
وكان يصل إلى قلوب الناس بألين السبل حتى قال فيه ربه عزّ وجل:
((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ))
فهو أعظم من تمثل خلق القرآن، فتجده القريب من النفوس، الحبيب إلى القلوب..
جاءه أعرابي فقال في التشهد: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فقال له : (لقد حجرت واسعا)
أي أنه ضيّق رحمة الله التي وسعت كل شيء، ثم قام الأعرابي فبال في طرف المسجد، فأراد الصحابة ضرب الأعرابي، فمنعهم ودعا بدلو من ماء فصبه على بول الأعرابي، ثم دعا الأعرابي برفق ولين وحسن خلق فقال:
(إن هده المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، وإنما هي للصلاة والذكر وقراءة القرآن)
فذهب هذا الأعرابي إلى قومه لما رأى من الرفق واللين، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا..
وجلس معه غلام على مائدة الطعام، فأخذت يد الغلام تطيش في الصحفة، فما نهره ولا زجره وإنما قال له برفق:
(سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك)
ودخل اليهود عليه فقالوا:
(السام عليك، يعني الموت، فقالت عائشة : عليكم السام واللعنة، فقال : يا عائشة ، ما هذا؟
إن الله يكره الفحش والتفاحش، وقد رددت عليهم ما قالوا، فقلت: وعليكم
)
وسأل عائشة عن زواج حضرته للأنصار:
(هل كان معكم شيء من لهو؟
- أي من طرب- فإن الأنصار يعجبهم اللهو
)
كل هذا في حدود المباح الذي يريح النفس ويذهب عنها السأم والملل، أما الحرام فكان أبعد الناس عنه .
وكان يربي أصحابه بالقدوة الحية الماثلة فيه، فكان يدعو إلى تقوى الله وهو أتقاهم، وينهاهم عن الشيء فيكون أشدهم حذراً منه، ويعظهم ودموعه على خده الشريف، ويوصيهم بأحسن الخلق، فإذا هو أحسنهم خلقاً، ويندبهم إلى ذكر الله وإذا به أكثرهم ذكراً، ويناديهم إلى البذل والعطاء ثم يكون أسخاهم يدا وأكرمهم نفساً، وينصحهم بحسن العشرة مع الأهل، ثم تجده أحسن الناس لأهله رحمة وعطفا ورقة ولطفاً:
يا صاحب الخلق الأسمى وهل حملت ** روح الرســــالات إلا روح مختــــارِ
أعلى السجايا التي صاغت لصاحبها **من الهدى والمعــــالي نصب تذكـــارِ
والعجيب توصّله إلى غرس هذه الفضيلة في نفوس أصحابه غرساً بقي بقاء حياتهم، ودام دوام أعمارهم، ونقله الأتباع عنهم، وأتباع الأتباع عن الأتباع إلى اليوم، فكان إذا لقيه الرجل يوما من الدهر أو ساعة من الزمن وآمن به، ترك عليه من الأثر ما يبقى ملازما له حتى الموت، فكأن ليس في حياة هذا الرجل إلا ذلك اليوم أو تلك الساعة التي لقي فيها الرسول
قد يضيق العمر إلا ساعة ** وتضيق الأرض إلا موضعا
*
هكذا أنت يا رسول الله أحسن الناس سمتاً،، وأكملهم خُلُقاً،، وأطيبهم عشرة
وقد وصفك الرحمن بذلك فقال :
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))
أرق التحا ياا