[الـَبـروـآز]

مدخل /

في الماضي كانت القلوب كالأبنية متلاصقة جداً .





( 1 )

ابنة الجيران التي كانت تصعد إلى سطح بيتها الشعبي قبل الغروب وبين يديها ( طشت ) الغسيل ,
والمشابك مزروعة في ثوبها الفضفاض , و تسقط ( الطشت ) في الأرض .. وتنحني عليه .. تضع المشبك الأول بين شفتيها , توزع قطرات الماء المتشبثة في الأثواب في الهواء , تنظر إلي ولا تبالي بي , أنظر إليها والقلب الصغير في داخلي يتمنى أن يكون حبل الغسيل.


( 2 )
ابنة الجيران التي كانت تضع يديها على حافة السور القريب من الآخر الذي أضع قلبي عليه , كانت تحكي لي أنها تريد أن تصبح كبيرة لا لشيء إلا ليكون لي ولها بيتاً لا يشبه بيت ذويها له شرفات واسعة تكفيها شر الصعود إلى السطح كل يوم .

( 3 )
ابنة الجيران البريئة جداً , كانت تهزمني دائماً في لعبة الأسماء المرهقة , كنت أعاني من حرف الدال , و أسعى لجرها لحرف الواو الذي لا تملك مخزوناً من الأسماء له .. لكنني أهزم دائماً وأخرج مسروراً بسعادتها وبفشلي .



( 4 )
ابنة الجيران لم أكن أعلم أني أحبها جداً إلا عندما تهدم بيتنا القديم , وأجبرتنا الحضارة على إقامة آخر له شرفات واسعة وتبتعد عن بيتها الذي هو أيضاً أصبح له شرفات واسعة , ابنة الجيران التي
لم تعد تنشر قطرات الماء لا في الشرفة ولا في السطح ..
أخبرتني في رسالة وجدتها مرمية بالقرب من ضوء القمر في منتصف ذلك الشهر الأسود أنها مريضة بي جداً , وأنني أنفاسها , وأنني قلقها , وأنني الحاضر فيها , والقادم إليها , والراحل عنها , والساكن في قلبها إلى الأبد .


( 5 )

ابنة الجيران ما كان صوتها يسمع , ولا كان رأيها يعتد به , رموها في حضن ذلك الكهل الذي يكاثر من تعداد أولاده كل يوم .
ابنة الجيران بعد أن دار الزمان رأيتها تجر كتيبة أولادها وأحزانها خلفها ليلة العيد ليلة الأفراح المعششة كل بيت .


(6 )

ابنة الجيران تجالس الشرفة القديمة الآن , وهي يا فديت ألمها
باكية
حزينة
مطلقــــة !!


ستارة/


ابنة الجيران تنشر أحزانها الآن على حبل اليأس كل ثانية .


منقول .. من كتاباته