فوجئت وأنا أنبش في الذاكرة بشريط مخزن سالما من كل نبش ، رغم مرور عقود من الزمن على الحدث ، عكس أشرطة أخرى أصابها التلف ، جزئيا أو كليا ، رغم حداثة وقوعها ...
شريط لحوار بين شخصين كانا بجانبي و أنا في إحدى رحلات القطار الطويلة. الحوار بدا عندما سئل أحدهما الأخر ،قائلا "...افترض انك في رحلة صيد فماذا تفضل اصطحابه أسدا أو "كلبا" . فرد عليه الشخص الثاني ،قائلا : "أفضل اصطحاب أسدا ". فلاحظت علامات الدهشة ارتسمت على وجه الشخص الأول مستفسرا عن السبب ؟
أجابه الشخص الثاني ، قائلا : " بما أن الصيد عادة يكون في غابة ، والغابة بطبيعتها وكرا لكل أصناف الوحوش المفترسة و الكاسرة والذئاب الغادرة و الثعالب الماكرة و الثعابين والعقارب خطرة الدغ ... وعندما يكون بصحبتي أسدا فإنهم ، يضيف الرجل ، بدون أدنى شك ،هؤلاء الوحوش المفترسة ستهابني ، ولا تجرع على الاقتراب مني أو افتراسي ..." . فرد عليه الأول : لكن ألا تخشى أن يفترسك ذالك الأسد بنفسه . عكس "كلاب الصيد" ، بفطرتها الخانعة ...
فأجابه الثاني ،بنبرة أكثر ثقة ، " ليس من شيم الأسود الغدر" ، بدليل أنها لا تأكل "الجيفة" ... ومع ذالك ،يضيف ، " أفضل افتراس و التهام الأسود على نهش وغدر الكلاب..."
وهنا ،و بكل أسف ، سمعت مكبر الصوت و هو يعلن اسم المحطة التي أنا قاصدها ، وكنت أتمنى لو أن الرحلة كانت أطول لاستمع إلى ختام ذالك الحوار...بين من لسان حاله يقول : " أن تفترسني الأسود على أن تنهشني الكلاب" ، ومن الذي يفضل "خنوع الكلاب" رغم خطر مكرها وغدرها ...
حمدان العربي
04.06.2009