عندما يطّلع كاظم على نص شعري معين ، فإن الكلمات التي يتأثر بها يكون على يقين
بأنها ستخلق لحناً سوف يفجر كل المشاعر عند المستمعين لما يحمله من دفء و عذوبة
و شجن و ذلك ( البحّة ) أو النبرة العجيبة التي تدمر سلسلة جبال الهملايا ..
أم الآهات التي تجعل الجمهور يتمايل طرباً عند سماعها تتدفق من حنجرته الملائكية ..
لقد حقق الساهر ما لم يستطع أي فنان آخر تحقيقه من أبناء جيله ، و مقارنةً بالتجارب العربية
الكبيرة فهي تماثل تجارب الكبار أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب و عبد الحليم حافظ
و أم كلثوم و غيرهم ، و سبب ارتقاء الساهر لمصاف العمالقة أنه جمع موهبة التلحين إلى جانب
الكفاءة الصوتية الكبيرة و القادرة على أداء ألوان و فنون غنائية متعددة و بإحساس بالغ الثراء
شق له حضوراً فريداً و نجوميةً مفتوحةَ الآفاق في الفضاء العربي ...
أعاد الساهر تحفيز الذاكرة الموسيقية حينما قدّم أغنية جبار لـ عبد الحليم حافظ مع التصرف
بالطبقة الصوتية ، كما قدّم أغنية بفكر فلّي ناسيني لـ محمد عبد الوهاب ليستعرض قدرته
على الغناء بالصوت الكامل ( القرار و الجواب ) و بتلاعب ساحر ...
يمتلك كاظم قدرات لا يمتلكها أي صوت عربي ، بدءاً بصوته فهو يملك مساحات و درجات صوتية
عديدة ، إنه يملك قرار من أنظف القرارات الغنائية في الأداء العربي ، كان يمتلكها فقط عبد الحليم حافظ
و وجدتُ كاظم متفوقاً في هذه القرارات ، هو مضاف إلى المنطقة الوسطى ، مضاف إلى المنطقة
الجوابية ، ما يعني أنه في صوت كاظم تكامل غير اعتيادي ، و نحن عشاقه نفتخر به لأنه الآن
سيد الأغنية العربية و هو الأرقى بمواصفات علمية و ذوقية و يسير بخط متنامٍ متصاعد ...
إن هناك ثلاثة أصوات غنائية عظيمة في الوطن العربي من الرجال خلال القرن العشرين
و هم محمد القبنجي من العراق و وديع الصافي من لبنان و محمد عبد الوهاب من مصر ، هذه
أصوات أعتقد أنه ليس لها مثيل في القرن العشرين و كاظم الساهر يضاف لهذا بقدراته الأدائية
الكبيرة ، أي أنه القمة الرابعة بإمكانية الصوت و تكامله ، و الساهر أعلى قمة حالياً في الساحة
العربية لحناً و أداءً و اختياراً لـ الأغنية
مووووووااااااااادع