الفلاش
 
     التسجيل    التلفزيون    إربح وزنك ذهب    شاهد منزلك  خواطر ادبيه    شبكة لك عيوني   مكتبة الفيديو    مقياس الحب    الإتصال بنا    
 
رسمنا الإبداع بجهودنا فتميزنا بـ / إسلوبنا فعندما وصلنا للقمه : تركنا بصمتنا ورحلنا - إدارة لك عيوني

 

صفحة جديدة 2
 
العودة   منتديات لك عيوني > الاقسام الإداريه > لك عنوني مواضيع مكرره
اسم العضو
كلمة المرور
التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 

رجل غير حياتي

لك عنوني مواضيع مكرره


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 09-06-2009, 05:30 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
شيخ نفسه
 
إحصائية العضو






شيخ نفسه غير متواجد حالياً

معلومات إضافية
الدولة  Saudi Arabia
مزاجي

الجنس  male_saudi_arabia
 
SMS منتديات لك عيوني ابداع وتميز

 

 

 

 

 

 

افتراضي رجل غير حياتي


 




ـ هل تحبينه؟؟؟
ـ أحبه؟؟ كلمة الحب ضئيله تجاه ما أشعر به نحوه !
ابتسمت .
ـ هل سيوافق على عملك؟
ـ هذا ما جئت أخبرك به اليوم ..سألته فلم يوافق !
اعتلت نظرة الحزن عينيها ...أخفت دمعة كادت لوهله أن تسقط ..وقالت
ـ لايهم ..ما يهم أنك تتزوجين بمن تحبين !!
احتضنتها بقوة ..
ـ ليلى . أعدك بأني سأمر بك من فترة لفترة وأسأل عنك ..
ـ لاتنسي وعدك ..هذا كل ما أطلبه منك ..
ـ لن أنسى ..
حزنت ليلى ..كيف ستودع مربيتها ؟؟ من سيبقى لها؟؟
نظرت إلى شقيقها الصغير . ثامر ...لاتكبره بكثير .. خمس سنوات فقط بينها وبينه ..وقد احتفلت الاسبوع الماضي بيوم ميلاده الثامن ..
غادرت سمر ..المربية التي لازمتهما طوال الخمس سنوات الماضية . في انتقالهم المستمر ,التي كان يناديها ثامر بماما ..
ثامر ـ هل ستعود ماما؟؟
ليلى ـ لن تعود ..سنبقى أنا وأنت فقط ...
ثامر ـ وأبي ..
ليلى ـ وأبي ..
**
رمت بجسدها الضئيل على السرير ..
ـ رحلت سمر ..تقول أنها واقعة في الحب ولاتستطيع أن تبقى معنا ..
ـ ليلى .. غدا سنكبر .ونقع في الحب مثلها تماما ..
رمت فاطمة بجسدها قرب ليلى ..
ليلى ـ لن أدع رجلا يتحكم بحياتي .
فاطمة ـ ألا يتحكم والدك الآن بحياتك؟؟ أليس رجلا ؟
غضبت ليلى من صديقتها فاطمة .. والتي هي في الوقت ذاته ابنة جارتهم .. فرمتها بالوسادة وبدأت القتال بالوسائد بينهما ..
ليلى ـ لن .. أدع رجلا يتحكم بحياتي لست مجنونة ..
فاطمة ـ مازلت صغيرة أيتها الغبية ..لن يقترب منك أي رجل حتى وقت طويل ..
ليلى ـ ماذا تقصدين؟
فاطمة ـ مازلنا صغارا..لقد سمعت ابنة خالتي تقول أن الفتيات لايتزوجن حتى سن الواحد وعشرون سنة ..أي بعد ..ممم .14 15 16 17 18 19 20 21 ثمان سنوات ؟
ليلى ـ لابأس .. حتى ذلك الحين .. سأكون المسؤولة الأولى .. عن هذا المنزل .. عن ثامر .. عن أبي ..
فاطمة بإشمئزاز ـ ولماذا تريدين أن تكوني مسؤولة عن هذه الأشياء؟؟
ليلى ـ لكي ..أنهم ليسوا أشياء ..أنهم أبي وأخي . ومنزلنا !
فاطمة ـ سأذهب الآن ..أمي سترغمي مجددا على حفظ القصائد..كرهتها مكر مفر مقبل مدبر معا.. كجلمود صخر حطه السيل من عل .. عنترة خطيب عبلة . ..
فكرت ليلى ..ليت لي أم تفعل ماتفعله أمك ...
فاطمة ـ وداعا ..
قامت ليلى إلى كل دفاترها ورتبتها ووضعتها في حقيبتها ..فقد أنهت واجباتها مع فاطمة .. دخلت إلى غرفة ثامر .. ووجدتها في فوضى للمرة الرابعة على التوالي ..
أعادت ترتيبها .. وبحثت عن ثامر الذي كان يشاهد الرسوم المتحركة ..
ليلى ـ ألم أقل لك أن تحافظ على نظافة الغرفة ؟
ثامر ـ سمر لم تكن تدعني ألمس شيئا .. على عكسك .
ليلى ـ سمر رحلت ..بقيت أنا وأنت فقط ..
ثامر ـ وأبي ..
ليلى ـ أبي لايعود سوى آخر الليل .. ولانراه دائما . والخادمة .. تبقى طوال اليوم في المطبخ .. ولانريدها أن ترحل هي أيضا !
غضب ثامر ..
ـ أنا ولد والأولاد لايفعلون الأشياء التي تفعلها البنات ..
لم تكن ليلى قد سمعت ثامر يتكلم هكذا من قبل .. فغرت فاها وهي منصدمة ..
ـ أنت أيها الحشرة تتكلم هكذا ؟؟ غضب ثامر مرة أخرى ـ لست حشرة أيتها ..
كان يقف والدهما عند الباب عندما صمت ثامر ..
ليلى ــ أنا ماذا ؟؟ ها ؟
ثامر ــ لاشيء ..
استغربت ليلى صمت ثامر .. ورأت نظراته تتركز في اتجاه واحد .. إلتفت إليه . وكان والدها هناك عاقدا ذراعيه .. بزي الشرطة حيث قيد رتبات عالية ..
محمد ـ ليلى؟؟ ثامر ؟
شعرت ليلى بخجل شديد ..
ــ مساء الخير يا أبي .إنه مجرد شجار بسيط ..
محمد ــ عن ماذا؟
ثامر ـ أبي .تريدني أن أنظف غرفتي ...لست فتاة ..
ليلى ـ غير صحيح ..
ثامر ــ أنا لا أكذب ..
ليلى ـ لم أتهمك بالكذب طلبت منك فقط الحفاظ عليها مرتبة ..
ثامر ـ ومالفرق ؟
ليلى ـ الفرق شاسع ..أن تنظفها شي وأن تحافظ عليها كما هي شيء آخر ..
ابتسم محمد ..ابتسامة لم ترها ليلى منذ مدة طويلة .. ..
ـ ثامر ..عندما تطلب ليلى منك شيئا نفذ ما تطلبه فهي شقيقتك الكبرى ..
ثامر ـ حاضر ..
محمد ـ ماذا للعشاء؟؟
ليلى ـ أعدت سيرينا فطائر بالجبن ..
محمد ــ يبدو شهيا .. فلتحضر المائده ..
ليلى ـ عدت باكرا يا أبي ..
محمد ـ ألايحق لي بيوم أراكما فيه؟؟
ليلى ـ بلى ..
فرحت ليلى ..نادرا مايبقى والدها معهما للعشاء ..وحتى في أيام اجازته يأخذهما للسوق أو لبيت عمتها .. ويبقيان هناك حتى يضجران حيث أطفال عمتها صغار جدا ..
أمضوا أمسية رائعة .. تحدثت فيها ليلى عن المدرسة وثامر عن مباريات كرة القدم التي سيحضرها والتي سيلعب ضمنها ..
ثامر ـ سأصبح لاعب كرة قدم ..هذا شيء أكيد ..
ليلى ــ أضجرتنا بخططك المستقبلية .. لن تبقى طوال حياتك تجري خلف كرة ؟؟ أليس كذلك؟؟
ثامر ـ أجل ...ومالضير من ذلك ؟؟
ليلى ـ مضجر !! ممل ..
محمد ـ وأنتي يا ليلى ؟؟
ليلى ـ أود أن أكون أستاذه في الجامعة ..
محمد ـ جميل ..
ثامر ـ هل تودين أن تبقي طوال عمرك في الجامعة ؟ وتهزئين من لعبة كرة القدم ؟؟ هذا ممل أكثر ..
ضحك محمد .. ولم يعلق .. اتسم دائما بالشخصية الهادئة الغير ثرثارة .اكملوا عشاءهم بصخب وكانت ليلى تهزأ ثامر كثيرا ..وكان يهزأ بها أكثر .
عائلة بسيطة .. اختفت من سماءها أحد أركانها .. ولكنها أكملت طريقها ..
أصبحت ليلى مسؤولة عن المنزل .. فقد كبرت لم تعد صغيرة .دخلت عالم المراهقات ..
*******************
المدرسة ..هي العالم المثالي لليلى .. المكان الذي تشعر به بالإنتماء إلى بنات جنسها ..جلست إلى مقعدها بعد التحيات الصباحية ..
فاطمة ـ كما قلت لك .. أرغمتني أمي على حفظ القصيدة كلها ..رغم أن المدرسة لم تطلب مني سوى خمسة أشطر ..
ليلى ـ ارتحت ..فلن تعودي لحفظها كاملة لاحقا .
فاطمة ـ أمي تريدني أصبح طبيبة ..لكن مستحيل ..لن أصبح طبيبة ..
ليلى ــ لماذا ؟؟
فاطمة ـ لست آينشتاين .. ليس هناك في عقلي مساحة كبيرة .. انها محدوده .
ليلى ـ آينشتاين؟
فاطمة ـ عالم ألماني كانت زوجته تحل له مساءل الرياضيات ..وقرأت أنها هي من اخترعت نظرية النسبية ..
ليلى ـ أعرف آينشتاين من .. وقرأت تلك الإشاعات عن زوجته ...
ريم ـ عم تتكلمان ؟؟
ليلى ـ آينشتاين
فاطمة ـ عن أمي ..
ريم ـ هل أمك هي آينشتاين ؟؟
فاطمة ـ ذلك موضوع آخر . أسعى إلى حله قريبا ..
ريم ــ آه فهمت .. كلاكما تتحدث في موضوع مختلف .. لكن لماذا تواجهان بعض؟؟ تتكلمان مع بعض؟؟
ابتسمت ليلى ــ كفي عن هذا .. تبدين حمقاء ..
ضحكت ريم وهي كعادتها .. تحب المزاح ..
ريم ـ خمنوا ماذا ..
فاطمة ـ ماذا ؟
ريم ـ غدا هو لجتماع لوالدات الطالبات ..
فاطمة ــ اوههه لا ... لا ..
ريم ـ ماذا بك ؟؟
فاطمة ـ حدثت بيني وبين مدرسة الرياضيات مشادة كلامية حول الواجب .. ستقول لأمي ..
ريم ـ أنت أفضل مني .. ستأتي والدتي للسؤال عني لدى كل المدرسات .. آآه ..أنا متأكده بأني سأعاقب .لا محالة .
فاطمة ـ افعلي ما فعلته مريم العام الماضي .. جعلت شقيقتها الصغيرة تأخذ والدتها لصف آخر به فتاة اسمها مريم مجتهده .. وقد مدحتها كل المدرسات .
ريم ــ لكنها في نهاية العام عوقبت بشده لانها رسبت بجميع المواد ..
لم تنتبها الفتاتين لليلى التي صمتت ..
دخلت المدرسة للحصة .. وبدأت بشرح الدرس الجديد ..
**************
كانت قد لفت جسدها جيدا بالغطاء ..
محمد ــ لن تذهبي اذا؟
ليلى ـ لا أستطيع .. أنا أشعر بصداع ..
ترك محمد ليلى التي لم تتحرك من سريرها .. وغادر المنزل .. بكت ليلى .. تكره هذا اليوم ..21 مارس.. فيه يحصل تكريم للأم .. واجتماع سنوي لوالدات الطالبات ..
في الساعة العاشرة نهضت من السرير .. وأصبحت تتجول في المنزل ..سيرينا كالعاده تخرج لتلقى خادمات الجيران.. يجتمعن ويتكلمن .. كانت سمر تحضر هذه الإجتماعات مع ثامر .. تجول في المنزل وبيدها كأس حليب.. حاوت تقليب قنوات التلفاز .. لم تجد شيئا ..
رن جرس الباب .. أكيد هذه سيرينا لم تأخذ معها المفتاح ..
فتحت الباب ..
ـ أيتها الجميلة .. أين والدك؟
ارتعشت ليلى ..فضيقت فتحة الباب قليلا ..
ــ ليس هنا ..
ــ وأمك ..
ـ ليست هنا .
ـ ألا يوجد أي أحد في المنزل ؟؟
ليلى ـ ماذا تريد ؟؟
خافت ليلى كثيرا ..فهي لوحدها في المنزل .. وهذا الشخص يبتسم لها بطريقة لم تعجبها .. حاولت اقفال الباب ..
لكن ...
خلال ثواني دفع الباب راميا بجسدها الضئيل إلى الحائط .. فتح الباب لم تتمالك ليلى نفسها فصرخت لكنه لطمها على وجهها بقسوة .. فصرخت بقوة حاول تكميمها .. وكتم صوتها . شعرت بخوف شديد ورغبة إلى الصراخ أكثر.. حاول كبح حركة يديها لكنها لم تتعب .. رغم أنه آلمها كثيرا , اندفعت الدموع إلى عينيها بدأ بالتمكن من كبح حركتها وكادت أن تهدأ لدقيقة لكنها انتبهت إلى وجهه اللئيم فزادها ذلك سخطا وغضبا وصراخا.. دافعت بضراوة وحاولت أن تفلت من بينم يديه وأشبعته خدوشا ولكما . بقبضتها الضئيلة وأسنانها وأظافرها..آلمته .. وتأكدت هي من هذا الشيء فقد تأوه بقوة . جراء عضتها له الشديده في ذراعه ... غضب منها رماها بقوة على الأرض ..واصطدم رأسها بشيء قوي . ففقدت الوعي ...
****************
فتحت عينيها بصعوبة . لم تستطع التنفس للوهلة الأولى .. شعرت بأنها تكاد أن تموت فصرخت وتأوهت من فظاعت الألم الحاد الذي مر كالسيف خلال رأسها .. ماكانت تراه لم يكن سوى اللون لأبيض.. وعندما دققت النظر وركزته .. كان رداء الممرضة التي تقف عند رأسها ,,
ــ أبي ..
أمسكت الممرضة بيدها وابتسمت لها ..
ـ لقد أفقت أخيرا؟؟ صباح الخير ..
سعلت ليلى بقوة .. وشعرت بألم فظيع .. وصرخت من الألم ..وبدأت بالبكاء ..
ركضت الممرضة إلى اطبيب الذي أسرع بحقنها ببعض المسكنات ..
ليلى ــ أين أبي ؟
الممرضة ـ سيحضر حالا .
بعد ساعة كان واقف إلى جوارها ..أمسكت بيده ..
ــ أبي لقد ضربني بالأمس ,,
محمد ـ ششششش... لاتتحدثي .. لقد وقعتي على زاوية السلم ... منذ أسبوعين تقريبا ..
ليلى ــ أسبوعان؟
محمد ـ أجل . أسبوعان ..لم نصدق أنك أفقت ..
ليلى ـ وذلك الشخص ؟
محمد ـ لا تقلقي أنه في السجن ..
ليلى ـ لا أذكر ماذا حدث ..
محمد ـ عندما وقعت كانت جارتنا ام فاطمة قد سمعت الصراخ فركضت مهرولة للمنزل .. وكذلك سيرينا ... فأنقذاك في اللحظة المناسبة ..
ليلى ـ أشعر بصداع .. رأسي يؤلمني ..
محمد ــ سيزول .. خلال لحظات .. لاتخافي .. انتهى الأسوأ .. وبقي القليل ..
كانت أيام سيئة بالنسبة لليلى التي لازمها صداعها شديد .. وكان محمد يتكلم عن كل شيء.. على غير عادته فقط لينسيها ما جرى لها .
لم تر ثامر خلال الأسبوع الأول من افاقتها .. وذلك لانه منع زيارة الأطفال لها .
كانت الضمادات تلتف بكثرة حول رأسها ..وبالكاد تحرك أي جزء من جسدها ..كانت ترى حزنا كبير في عيني والدها..تشعر به عندما يصمت قليلا ليتذكر شيئا يقوله .. والدها تعرفه أكثر من نفسها .. ليس من محبي الكلام الكثير ..في تلك اللحظات عندما يصمت قليلا .. تكاد تبكي .. ترى حزنا عميقا في عينيه حركة يديه .. حركات وجهه بحثا عن قصة ليرويها لها أو نكته طريفة ليقولها لها ..فقط لينسيها ما هي فيه ..
ـ لم تغيبت ذلك اليوم عن المدرسة ؟؟
سألها جادا .. وقد اضطرب نفسه ..
ليلى ـ كان يوم الأم .. وجميع الطالبات دعون والداتهن ..فلم أشأ الذهاب ..
لم يعلق محمد ..
ليلى ـ ليتني مت ..
محمد ـ كفى .. خسرت أروع أمرأتين في حياتي .. ولا أريد خسارتك أيضا ..
خرج غاضبا .. أغمضت عينيها .. تود العودة للمنزل .. والمدرسة .. لأول مرة اشتاقت لطعام سيرينا.. فبعد طعام المستشفى الخالي من أي نكهه وأي طعم .فأي طعام غيره هو لذيذ..حتى ولو كان طبخ سيرينا ..
لكن الطبيب أوضح لوالدها أنها لن تخرج حتى أسبوعين ..
**********************
فاطمة ـ هل فقدت الذاكرة؟؟
ليلى ـ لا ,..
فاطمة ـ هل تستطعين تحريك قدمك ؟؟ أم سيضعونك في كرسي متحرك ؟
ليلى ـ أستطيع تحريكها ..لكني سأشعر بألم ..
فاطمة ـ هل أصبحت ترين أشياء في المستقبل؟؟؟
ليلى ــ لا .. فاطمة .. لم يحصل لي شيء غريب ..سأبقى في المستشفى للأسبوعين القادمين ..
فاطمة ـ رائع ...لن تحضري الحصص ؟
ليلى ـ لن أفعل ..لكنه ممل ..سأبقى في سريري طوال اليوم لا أحرك سوى لساني ..
فاطمة ـ ستفوتين حفلة عيد ميلادي ..
ليلى ـ أعتقد هذا ..
فاطمة ـ خذي ..
ليلى ـ ماهذه ؟؟
فاطمة ـ كتب ..قصص .. وكتب علمية .. وفلسفة ..
ليلى ـ أنا لا أقرأ هذه الكتب ..
فاطمة ـ لم أشأ احضار المجلات .. لكن خذي . ما استطعت جمعه من الفتيات .. ..لكن يجب أن تستفيدي من وقتك .. واقرأي ما يفيد ..
فاطمة ذكية جدا ..تقرأ كتبا لايقرأها سوى الكبار .. رغم سنواتها الثلاثة عشر .. لكنها تحمل بين كتفيها دماغا عبقري ..
تحسنت بمرور الوقت حالة ليلى .. مر الأسبوعان بكاملهما .. ولولا المجلات والكتب التي حاولت ليلى قراءتها . لماتت من الضجر ..
عادت للمنزل .. وأخيرا عادت لسريرها .. لغرفتها .. ولم يتحدثوا أبدا عن تلك الحادثة ..
*************
ـ كل عام وأنت بخير ...
ليلى ـ شكرا .. يا ثامر .. لم أتوقع أنك ستهديني هذه الهدية الجميلة ..
كانت علبة موسيقية رائعة .
ثامر ـ كنت في هذا المعرض الصيني .. وتذكرت أن عيد ميلادك قريب .
ليلى ـ انها رائعة .. رائعة .
أهداها والدها مجموعة من العطور الرائعة .. ابتسمت بفرح شديد.. كانت رائعة الجمال ..
ليلى ـ رائعة ..
كان الزمن قد تمكن من والدها .. واخترقت شعيرات بيض شعره الأسود الفاحم .
أطفأت الشمعات الثمانية عشرة .. كبرت ليلى طالت عدة سنتيمترات .. أصبحت أكثر جمالا من ذي قبل .. رغم ملامحها البسيطة .. الخالية من أي فتنة..
ثامر ـ أين ملابسي ؟؟
ليلى ـ لقد رتبتها في الدرج .
محمد ـ أين ملابسي أنا ؟؟
ليلى ـ أرسلتها للمصبغة ..
قامت ليلى بتنظيف الأطباق ومخلفات الكيك ..
ثامر ـ اتركيها لليلة .. واذهبي للنوم ..
ليلى ـ أنظفها الآن أسهل من الغد ..
بعد انتهاءها دخلت لغرفتها .. وأمسكت بجدولها الجامعي الجديد .. غدا ستبدأ أول يوم جامعي لها ..
خلال السنوات الخمس الماضية .. تغيرت حياة ليلى ..أصبحت المسؤولة الأولى عن والدها وثامر.. لم يتحدث أحد عن تلك الحادثة .. لكن لم يمر عيد الأم في كل سنة دون أن تنهار عصبيا وتدخل المستشفى لثلاثة أيام .. رفعت السماعة لتطلب فاطمة ..
فاطمة ـ ليلى .. أخيرا .
ليلى ـ لم أتلقى هديتي بعد ..
فاطمة ـ عيد ميلاد سعيد .. أرسلتها بالبريد ... ستصلك خلال أيام ..
ليلى ـ كيف هي القاهرة؟
فاطمة ـ الجو حار .. لكنه محتمل ..
ليلى ـ لم ترفقي معلومة مجانا كعادتك .
فاطمة ـ سأكتفي بما قلته لك خلال الأعوام الصارمة ..
ليلى ـ اجتهدي .. خلال سبع سنوات يجب أن تسبقك سمعتك إلى هنا ..
فاطمة ـ سأتصل بك ليلة الخميس ..
ليلى ــ ممتاز .. لكي أخبرك عن أسبوعي الأول ..
فاطمة ـ رائع .. وداعا اذا ..
ليلى ـ إلى يوم الخميس ..
سافرت فاطمة .. عكس جميع ما كانت تريد فقد سافرت لتصبح طبيبة .. فاطمة ذكية .. محبة للقراءة . لكنها لا تريد تخيب أمل والدتها فيها .
رن الهاتف ..رفعت السماعة ..
ـ عيد ميلاد سعيد ..
ليلى ـ سمر .. انتظرت اتصالك طوال الصباح .. ككل عيد ميلاد مر علي ..
سمر ـ كنت مشغولة مع سارة ..
ليلى ـ سارة ؟؟
سمر ـ أجل .. طفلتي الصغيرة ..
ليلى ــ حقا؟؟ أنجبت طفلة ؟ اووه ... هذا رائع ..
**********************************
ـ أنا مها ..
ليلى ـ مرحبا مها .. تقريبا لدينا ذات المحاضرات .. الخاصة بالهندسة ..
مها ـ لاحظت ذلك .. طوال الأسبوع الماضي وأنا وأنتي في ذات المجموعة ..
ليلى ـ ما أحب المحاضرات لديك؟
مها ـ كلها بالنسبة لأول أسبوع ..
ليلى ـ مازلنا تأسيسي .. لم نبدأ بعد بالصعب .
مها ـ أرى جدولك ..
أخرجت ليلى أجندة صغيرة من حقيبتها .. فوقع أحمر شفاة منها وتدحرج على الأرض ..
ليلى ـ خذي ..
مها ـ تقريبا ذات المحاضرات .. سوى واحده ..
ليلى ـ أجل ..
مر مجموعة من الأساتذه بقربهم ..
مها ـ لديهم اجتماع على ما يبدو .
بعد خمس دقائق كانت ليلى تتكلم فيها عن المحاضرات مع مها ..
مر أستاذ يعجل من خطواته .. و.. سقط أمام ليلى ومها بطريقة محرجة .. مؤلمة !!
مها ـ أنت بخير ؟
ـ أجل . لابأس .. أذيت ركبتي قليلا ..
وقف وهو يستند إلى الحائط ويرى ما سبب سقوطه .
ـ الفتيات الغبيات .. ألا يفكرن بأن هذه الأشياء قد تتسبب بإصابة أحدهم ؟؟
كان يشير إلى أصبع أحمر الشفاه الدائري الذي سحق ..
لم تعلق ليلى.. وكانت تنظر إلى الأمر بتعالي .. ولم تهتم لشيء . انتبهت لنظرات الأستاذ كأنه استنكر وقوفها هناك وعدم سؤالها عن حاله أو حتى عرض المساعدة ..
أكمل طريقه .. وهو يعرج قليلا ..
ليلى ـ ياللغرور ..والوحشية ..
مها ـ ماذا؟
ليلى ـ انظر ماذا فعل بأحمر الشفاه خاصتي . لقد سحقه !!
مها ـ أهو لك؟
ليلى ـ أجل .. أرسلته لي صديقتي كهدية عيد ميلاد مع مجموعة رائعة من أدوات المكياج ..
كانت هدية فاطمة مجموعة من المكياج من أرقى البيوت العالمية للأزياء ويبدو أنه كلفها ثروة ..
نظرت إليها مها وضحكت ..
ـ كدت تكسرين قدمه !! إن لم يكن عنقه؟
ليلى ـ رائع .. لم يحدث له شيء ..
مها ـ هيا بنا لتناول شيئا قبل أن أفقد عقلي ..
ابتسمت ليلى ... يبدو أن ليلى مناقض لشخصيتها . وما أجمل الأضداد عندما تجتمع .
مالذي حدث لليلى ؟؟ أكرهت الرجال؟؟ لا .. لم تكره أحدا .. لكنها نظرت إلى الحياة بطريقة أخرى .. أصبحت لامبالية بنفسها .. ومهتمة بكل من حولها .. عندما تخرج للسوق تشتري لثامر ووالدها ..حتى سيرينا تشتري لها شيئا .. وتجلب بعض لأشياء الأساسية لها .. لم ترفهه نفسها يوما ..الفتاة الضئيلة ما زالت كما هي .. الشحوب أصبح ما يميزها ..
ذات مرة على المائدة كانت قد أعدت لازانيا لذيذة لكنها لم تذق منها شيئا واكتفت بكوب ماء . صرخ بها والدها ..وغضب منها بشدة وأراد ارغامها على تناول شيء لكنها رفضت بعناد ودخلت لغرفتها .. ولم تخرج منها لمدة يومين ..
***********

مرت الأيام سريعة .. وتفوقت ليلى في جميع امتحانات الكورس الأول بامتياز..
ثامر ـ كفي عن الإهتمام بنا .. اذهبي ..
ليلى ـ أذهب ؟؟ لا أستطيع .. من سيعد لكما العشاء ؟؟ من من سيبقى معكما حتى المساء ؟؟
محمد ـ ليلى .. اذهبي يا ابنتي ..انها صديقتك.. سنوصلك ثم نذهب لأحد المقاهي .
عادت فاطمة بعد غياب أربعة أشهر .. لم تتكلم فيها مع ليلى سوى أربع مرات فقط .
رفعت شعرها إلى الأعلى .. وارتدت عبائتها .. وحجابها .. وخرجت لبيت فاطمة .... لم تعد فاطمة جارتها .. فبعد ذلك الحادث المشؤوم انتقل محمد إلى منزل بعيد .. حتى لاتسترجع ليلى أي ذكريات .. لكنه لم يغير المدرسة ..
طوال الطريق غرقت في صمت عميق .. وكان محمد يتكلم مع ثامر عن مباراة سيلعبها قريبا ..
محمد ـ وصلنا ..
نزلت ليلى بسرعة وشكرت والدها الذي انطلق مسرعا .لم تستطع منع نفسها من النظر إلى منزلهم القديم.. وقفت لمدة ثانية أمامه ..ثم دخلت إلى منزل فاطمة حيث تركت لها فاطمة الباب مفتوحا ..
******************************
وأخيرا انفردت بها في غرفتها ..
فاطمة ـ رائع أنك أتيتي اليوم .. لأنك لو لم تأتي .. لجننت ..
شعرت ليلى بحماسة فاطمة الغير طبيعية ..
ليلى ـ ماذا بك ؟؟
ابتسمت فاطمة ..
ليلى ـ أتعشقين؟؟
ضحكت فاطمة ـ كيف عرفتي ؟
ليلى بدهشة ـ فعلا؟؟ من ؟ وكيف ؟
فاطمة ـ إنه معنا .. في نفس الكلية التي أنا بها .. يسبقني بسنتان .
ليلى ـ كيف تعرفتي عليه ؟
فاطمة ـ في المكتبة .. في الأسبوع الرابع من دخولي للكلية ..أنه من هنا ..
ليلى ـ ماذا حدث بينكم ؟
فاطمة ـ أمسكت بذات الكتاب الذي أمسك به .. وعندما رآني قال لي أنت الفتاة الخليجية من البعثة الجديدة ؟؟ حركت رأسي بنعم ابتسم.. وقال لي أنه طلال ..وأنه يسبقني بسنتين وان أحتجت أية مساعدة.. وهكذا.. سؤال يجر سؤال . و خمني ماذا ..
ليلى ـ ماذا ؟؟
فاطمة ـ يحب برناد شو وشعر امرؤ القيس ويملك ديوان للمتنبي و نزار قباني .. ويقتبس كلامه من نيتشه وأرسطو ..
ليلى ـ لدي سؤال بسيط .. إذا اهتماماتكم انحصرت بالشعر والفلسفة ماذا تفعلون في كلية الطب ؟؟
فاطمة ـ انه مثلي .. لايريد الطب .. لكن الظروف أقحمته فيها .. آآه .. طلال .. اشتقت إليه ..
ليلى ـ للتو وصلتي ..
فاطمة ـ نحن لانتقابل كثيرا . فلذلك نرسل لبعضنا الرسائل .. آآخ .. أحتفظ بكل رسائله ..
ليلى ـ أين هي ؟
فاطمة ـ ماذا؟
ليلى ـ الرسائل..
فاطمة ـ انها على كمبيوتري المحمول .. لا أقصد الرسائل البريدية .. أقصد الإلكترونية .. أسرع .. ويومية بعض الأحيان تكون ساعية ..
ليلى ـ عن ماذا تتكلمان؟؟ الحب ؟
فاطمة ـ لا .. انها مثل الصداقة .. عن الواجبات الحوادث الطريفة التي نمر بها .. شيء قرأناه وأعجبنا .. أغنية أو قصيده .. لكن كل رسالة تصل .. تجعلني أشعر بسعادة رائعة ..
ليلى ـ قد لا يحبك ؟؟ ويعتبرك صديقة إلكترونية ..
فاطمة ـ هذا إن كنا لم نر بعضنا تكون صداقة الكترونية .. .. لكننا نتقابل بين فترة وأخرى .. ونتكلم عن أسبوعنا .. وعن الأشياء التي ضايقتنا ..
ليلى ـ يبدو منطقيا ..ما اسمه مجددا ؟؟
فاطمة ـ طلال ..
ليلى ـ قد يكون التوأم الروحي لك .. الشريك المثالي .
أخفضت فاطمة عينيها بحزن ..
ـ أنه ..مرتبط .
كأن أحدا قد قرصها فجأة .. وقفت بسرعة ـ ماذا؟
فاطمة ـ ابنة عمه ..
ليلى ـ ماذا يجعلك متمسكة به ؟؟ مالذي يجعلك تحلمين بحبه؟؟ لم لم تخرجيه من رأسك ؟
فاطمة ـ ببساطة عندما يأتي الحب .. لانستطيع اقفال الباب في وجهه !!
ليلى ـ ماذا؟
فاطمة ـ ليلى هدئي من روعك . طلال .. هو الشخص الوحيد الذي شعرت بأنه يفهمني كما أنا.. نفس اهتماماتي وأفكاري .. عندما نجلس معا .. ننسى الوقت في الحديث فقط .. وليس الحديث عن الماضي والأحلام.. عن أتفهه الأشياء ,, حتى عن الأشخاص الذين يمرون أمامنا .. هناك دائما شيء نتكلم عنه . وهذا ما أحبه فيه ..تمضي ساعات .. ونشعر بأن الوقت لايكفينا .. نريد أن نتحدث أكثر .. هناك الكثير للتكلم عنه ..
ليلى ـ فاطمة .. هل تفهمين ما ورطت نفسك به؟؟
فاطمة ـ أفهم .. لكني لن أحظى بفرصة أخرى .. سأتمسك به حتى آخر لحظة .. كصديقة .. لن أبوح له بمشاعري قط .. لكنه سيبقى الأثير .. نصفي الذي لن أحظى به كزوج أبدا .
ليلى ـ لم تعذبين نفسك؟
فاطمة ـ لا أعذب نفسي .. سأحتاجه في غربتي هناك .. في الدراسة .. أحتاجة كصديق أكثر من حبيب.. أمامي خمس سنوات معه .. سينهي دراسته قبلي .. وفي السنوات التي ستتبقى لي.. سأحاول نسيانه .. لن يكون سهلا .. ولكن الأيام ستمر سريعة دون سؤال .. أو تمهل .
ليلى ـ فاطمة .. أنت آخر من توقعتها ستقع في الحب ..
فاطمة ـ فعلا .. وأنا كذلك .. لأني لم أتخيل يوما أني سأقابل من يكملني .. لكني قابلته .. وأنتي ؟
ليلى ـ أنا؟ لا أفكر في الحب ولا أفكر في الزواج .. سأمضي حياتي في العيش بعيدا عن المشاكل .
فاطمة ـ وكلية الهندسة معك؟؟
ليلى ـ لابأس .. تعرفت على فتاة جديدة أصبحت زميلة رائعة لي .. اسمها مها . توجد فتيات أخريات .. لكني أحاول أن أكون رسمية معهن ... فهن حيويات زيادة عن اللزوم . وأنتي تعرفينني أصاب بالصداع بسرعة ..
فاطمة ـ صديقة واحدة خلال أربعة أشهر؟؟ رائع .. تقدم ممتاز منك ..توقعتك تنتظرين سنة .. قبل أن تتعرفي إلى فتاة جديدة ..
ليلى ـ أفكر بأني لست موجودة على هذه الكرة الأرضية .. فلا شيء فيها يستميلني ..
فاطمة ـ ألم تسمعي ما قاله ديكارت؟؟ ((أنا أفكر ..إذن أنا موجود .. ((
ليلى ـ فاطمة .. حياتي فارغة ..
فاطمة ـ سهل جدا .. اهتمي بنفسك كأي فتاة .. بشعرك بالموضة بالمكياج والملابس والحفلات والصداقات والنزهات..وتتمتلئ حياتك في أقل من أسبوع إنظري إلى وجهك في المرآه؟؟ أين عدة الميكياج التي أرسلتها لك؟
ليلى ـ في المنزل ..
فاطمة ـ لم لاتحملينها معك في حقيبتك؟؟
ليلى ـ لقد حملت معي إصبع أحمر شفاة إلى الجامعة .. فسقط مني . تعثر به أحد الأساتذه أمامي وسقط ..
فاطمة ـ وماذا حدث له ؟؟
ليلى ـ تكسر كليا استحال إلى حطام ..
وضعت فاطمة يدها على فمها بدهشة
فاطمة ـ اووه .. يا إلهي .. هل تشعرين بالذنب ؟
ليلى ـ أجل .. لقد .. أحببته !
فاطمة ـ اووه .. هل أحببته ؟؟ يا إلهي .. كيف ومتى ؟
ليلى ـ منذ أول مرة ..لحظة .. لم وجهك بهذا الشحوب وهذه الدهشة؟ لاتغضبي مني ..
فاطمة ـ لا أغضب منك.. كيف أحببته؟؟ قلي لي قصتكما .
ليلى ـ عم ماذا تتكلمين؟
فاطمة ـ عن الأستاذ الجامعي .. الذي أحببته ..
ليلى ـ ـ أنا لا أتكلم عنه ..أنا أتكلم عن أصبع أحمر الشفاه !! فقد تعثر به وحطمه كليا ..
ضحكت ليلى للخيبة التي ارتسمت على ملامح فاطمة .
فاطمة ـ ليلى .. لقد أخفتني .. ماذا حدث للأستاذ؟
ليلى ـ ومن يأبه؟؟ أعتقد تأذت ركبته أو شيء كهذا .. لم أره منذ ذلك الحين ..
فاطمة ـ يا إلهي .. لقد خفت كثيرا . يالبرود أعصابك ... كيف هو ثامر؟
ليلى ـ أنه من اللاعبين الأساسين في الفريق . لايستغنون عنه أبدا ..
فاطمة ـ ووالدك؟
ليلى ـ في عمله .. كعادته .. يأتي متأخرا معظم أيام الأسبوع ..لكنه يحاول أن يعوض وجوده ,,
*********************
تكره هذه الزيارات .. تحب عمتها .. لكنها تكره وجودها لوحدها طوال الوقت .. فعمتها تنفرد بوالدها وتتكلم معه عن أشياء كثيرة خاصة بالكبار فقط!
العنود ـ تعالي معي لغرفتي ..
كانت العنود في االسادسة من عمرها .. ابتسمت ليلى وذهبت معها أشفقت عليها ليلى .. وحاولت التكلم معها ببساطة ..كانت ذكية .. كجميع فتيات هذا الجيل ..تتكلم كثيرا عن مافعلته في المدرسة .. وعن ماذا تقول لها المدرسات ..
أرتها الكثير من رسوماتها وألعابها ..
العنود ـ أبي يقول أنك وزياد ستتزوجان !
ليلى ـ ماذا؟
العنود ـ أجل .. زياد ابن عمتي ..
ليلى ـ زياد ابن خالتي ؟
العنود ـ أجل .. تقول أمي أنه سيتزوجك رسميا السنة القادمة ..
أهذه هي مواضيع الكبار؟؟ فكرت ليلى .. ألهذا كانت عمتا تتكلم مع والدها بعيدا عنها . لا .. زياد ؟؟ لا .. ليس هذا.. عادت لذاكرتها ضحكاته الاستفزازية عندما خرجت من المستشفى .عندما كان يسخر منها ومن ذلك الجرح الذي في رأسها ..
لم تجد نفسها سوى قد فتحت الباب الذي أغلق بيننها وبين والدها وعمتها ..
محمد ـ ليلى .. ماذا تتفعلين ؟
عمتها نوره ـ ألم تتعلمي الإستئذان وطرق الباب في المدرسة ؟؟
ليلى ـ لن أتزوج زياد !!!!
محمد ـ ها؟؟
نوره ـ .....................
ليلى ـ لن أتزوجه أبي ..
نوره ـ كفى يا ليلى .. هذا الأمر قد فرغنا منه ..
ليلى ـ سأقتل نفسي إن زوجتوني بذلك المنحرف!
نورة ـ احترمي ألفاظك ..
ليلى ـ لا أهتم.. لا أهتم.. انسوا موضوع زواجي بزياد .. وإن أرغمتموني سأرمي بنفسى من على السلالم أو أقطع شرياني لأنزف حتى الموت ..
خرجت من المنزل ووقفت في الشارع .. ركض محمد إليها ..
ــ اركبي السيارة .
وبعد أن ركبت وتحركا إلى منطقة بعيده ..
محمد ـ ماذا به زياد؟
ليلى ـ لا أريده
محمد ـ لماذا ؟؟
ليلى ـ أكرهه!
محمد ـ ماذا ؟؟ لماذا ؟؟
لم تعلق ليلى .. تنفس محمد بهدوء ـ ليلى .. أنه أول من خطبك مني .. ليلى .ابنتي ..
ليلى ـ أبي .. أتزوج بحارس عمارة ولا أتزوج هذا الشخص !!
ارتاح محمد أن ليلى لم تكن ضد فكرة الزواج .. بل ضد الشخص بحد ذاته ..
محمد ـ كما تشائين ..
عادت للمنزل وانطوت في غرفتها .. لا تشعر لماذا شعرت بالحر هكذا ؟؟ لم ؟ انتهى كل شيء . وافق والدها على رفض زياد .. وهذا هو أهم شيء ..
********
كانت تقلب في مجلة .. تبحث عن شيء يثير اهتمامها فتقرأه ..
ـ ليلى ..
ـ نعم ثامر ..
ثامر ـ أقرضيني خمسون ريالا .. لم يعد أبي من عمله . وأريد اخروج مع أصدقائي ..
ليلى ـ إلى أين تذهب ؟
ثامر ـ ليس من شأنك ..
ليلى ـ إذن لن أقرضك .
ثامر ـ إني أحتاجها فعلا ..
ليلى ـ لا .. وإلى أين تخرج في هذه الساعة المتأخرة؟؟
ثامر ـ الساعة السابعة مساء !!
ليلى ـ لن تخرج .. لن تتركني لوحدي ..
ثامر ـ لم أعد صغيرا ولم تعودي أنت كذلك صغيرة لأجالسك ؟؟
ليلى ـ ثامر ..
ثامر ـ اسمعي أيتها الغبية الكئيبه .. أتقرضيني أو لا ؟؟ سأخرج سأخرج ..بموافقتك أو بدونها ؟
ليلى ـ أنا غبية كئيبه ؟؟
ثامر ـ أجل .. تحبسين نفسك طوال الوقت في غرفتك .. وتتركيني لوحدي في ملل ..
أخرجت المبلغ من حقيبتها
ـ اغرب عن وجهي !!
اتصلت بفاطمة ..
ـ هل أنا غبية كئيبة ؟
فاطمة ـ وعليكم السلام ؟
ليلى ـ هل أنا غبية وكئيبه؟؟
فاطمة ـ لا أعرف ماذا أجيبك .. إن بقيتي على هذا المنوال .. أجل أنتي كذلك !!لماذا؟؟
ليلى ـ ثامر ا يقول أنني كذلك ..
فاطمة ـ ثامر مراهق .. وأي مراهق سيتلفظ بأبشع الألفاظ إن اقترب منه أحد !
ليلى ـ صدقيني لو شتمني بأي كلمة أخرى لما أحدث لدي فرق .. لكن . غبية .. كئيبة؟؟ لماذا؟؟
فاطنة ـ اعترفي .. ماذا فعلت منذ الأمس حتى اليوم ؟؟؟
ليلى ـ رفضت ابن خالتي .. ورفعت صوتي بوجهه أبي وعمتي .. وهددت بالأنتحار !!
فاطمة ـ اذن أنت فعلا غبية وكئيبه ! أخبريني ماحدث بالتفصيل ..
بقيت ليلى تصف ماحدث بسرعة لفاطمة كتمنية من هذه الأخيرة أن تفهم ما تمر به .
فاطمة ـ لايستطيع أحد ارغامك على شيء ..
ليلى ـ هل أنا مخطئة ؟؟
فاطمة ـ لا .. لست مخطئة .. إنها حياتك . وأنت أعلم بما تريدينه ..
************************
دخلت خالتها المنزل .. وهي تمشي بخطوات غاضبة .. نظرت إليها بعصبية .. وفاجأتها بكف على وجهها أخرسها !
ـ كنت دائما .. متهورة عديمة الأدب .. لا أعرف مالذي دهى زياد ليفكر بك كزوجة .. لم تسمعي كلامي يوما.. ولن تفعلي أكيد في المستقبل .. كأمك.. عديمة التفكير.. اسمعي يا فتاة .. لست جميلة ليركض خلفك الخاطبون ! ولست ذات سمعة طيبة أيضا.. لست سوى غبية .. ولولا والدك .. لما تقدم لك أحد !
خرجت خالتها بعد أن رمت تلك الكلمات في وجهها كالحجارة القاسية .. شعرت بأنها هشمت وجهها ..
استسلمت للبكاء .. ولم تنتبه لثامر الذي كان يراقب الموقف من بعيد .. ازدادت آلامها .. إزدادت دموعها.. أجهشت بالبكاء .. كلمات خالتها لايزال صداها في مخيلتها .. لست ذات سمعة طيبة .. لست جميلة ..غبية ..
ثامر ـ ليلى .. ليلى ..
نظرت إلى ثامر الذي وقف عند رأسها .. قال بلهجة ساخرة ..
ـ خيرا فعلت .. وإلا لأصبحت هذه حماتك ..
ابتسمت ليلى قليلا ـ هذه خالتك ..
ثامر ـ وأنتي أختي لقد مدت يدها عليك وضربتك .. إذا ليس في قلبها ما يسمى رحمة ..
ليلى ـ أووه .. أليس هذا الكلام كبيرا عليك؟؟
ثامر ـ وهل تحسبيني أفكر في الكرة فقط ؟؟ ومافائدة هذا الدماغ الذي أحمله بين كتفي ؟؟
ـ شيء آخر ..
ليلى ـ ماذا ؟؟
ثامر ـ أنتي جميلة .. وسمعتك نقية مثلك ..
لم تستطع ليلى منع نفسها وعانقت شقيقها ..
ثامر ـ كفى ..كفى ..
ليلى ـ اخرس ..
ابتسمت لشقيقها الذي هرب من بين ذراعيها إلى الخارج ..
***
انتهت اجازة الربيع .. واضطرت لتوديع فاطمة .. ودعت لها من كل قلبها بالتوفيق ..
خرجت للتسوق .. لكنها كالعادة ..عادت وقد اشترت لكل من في المنزل .. ولم تأتي لنفسها سوى عباءة.. وحقيبة ..
اقترب شهر مارس .. اقترب ذلك التاريخ اللئيم .. ماذا ستفعل ؟؟ لقد تعبت من الحالة التي تنتابها كل سنة .. ولا تستطيع التحكم بالأمر ..
لتمضية الوقت .. اشتركت بأحد المنتديات .. وأصبحت عضوة خفية .. تكتفي بالقراءة فقط دون ابداء أي تعليق .
عاد محمد مبكرا .. وقد نال منه التعب ..
محمد ـ ليلى ..
ـ أجل ..
ـ اتصلت بي عمتك .. تدعوك أنت وثامر للذهاب معها في رحلة برية ..غدا ..
ليلى ـ مستحيل .. لن أترك لوحدك .. مستحيل خارج النقاش ..
محمد ـ قلت لها هذا لكنها طلبت مني أن أجرب .. انها فقط سبع ساعات .. سأكون في العمل .. انتهزي آخر يومين.. واذهبي ..
ليلى ـ مستحيل . ..
محمد ـ أنا كبير .. لا يخاف علي . لكن ثامر أحتاجك لمراقبته .. للبقاء معه ..
ليلى ـ مستحيل .. مستحيل لن أذهب .. وعمتي توجد هناك لمراقبة ثامر ..
محمد ـ ليلى.. كفي .. أريدك أن تعيشي كباقي الفتيات .. لا أرى فيك فتاة في الثامنة عشرة .. أرى فيك فتاة في الثلاثين! لا تدعيني أشعر بالذنب . فأنت لاتذهبي لأي حفلات .. ولا تخرجي لأي مكان .. هذا ليس منزلك هذا قبرك! أرى العنود ابنة نورة أكثر انوثة منك .. أكثر حياة ..
ليلى ـ ...........................
محمد ـ منذ ذلك الحادث المشؤوم .. وأنتي اتخذتي لنفسك مسارا .. لا للحياة .. لا للضحك .. لاللترفيه ..لن يحاسبك أحد .. لاتخافي ..امرحي .. لن يؤذيك أحد بعد اليوم .. كنت .. كنت . زهرتي الصغيرة .. أمسيت نبتة صبار .. منطوية على نفسها مليئة بالأشواك لمن يقترب منها .. وفي داخلها أشياء رائعة ..
دخلت ليلى لغرفتها.. ولم تعلق .. كان كلام والدها يمس شيئتاا من نفسها ... لكنه لن يشفيها .. من ذلك الحقد الدفين الذي غرق بداخلها ووصل لأعماقها ..
******************************
خرجت من مبنى الطلاب النشاطي وهي مستعجلة ..تكاد أن تجري .. لقد تأخرت عن محاضرتها الأولى لدى الأستاذ صالح.. في الحاسب الآلي .
ـ أعتذر .. عن تأخري .
الأستاذ لم يعلق الأستاذ.. ولم ينظر إليها .. لم تستطع الخروج ..ولم تستطع الدخول أيضا .. بقيت واقفة عند باب القاعة ..وهي بالكاد تتنفس ..
(قاعدتان أساسيتان لمن أراد النجاح في محاضراتي .أنا أكون آخر من يدخل من هذا الباب .. ومن يراني دخلت قبله لايزعج نفسه بالحضور لأني سأسجله غياب .. (
ليلى ـ لكني يا أستاذ ..
رفع يده مسكتا إياها ..
(القاعدة الثانية وأرجو عدم مقاطعتي أثناء الكلام .. وإن كان لحاجة ملحة يكتفي برفع يده..بعد أن أنتهي من كلامي القاعدة الثانية .. لمن أراد النجاح في هذه المادة .. عليه أن يسلمني ملخص كل بداية محاضرة عن المحاضرة السابقة أتمنى أن يكون ما قلته قد ترسخ في هذه العقول الفارغة (
شعرت ليلى بإحراج مبالغ .. فصمتت وأنزلت رأسها .. وأمسكت بمقبض الباب .
)ابتداء منذ المحاضرة القادمة .. تفضلي يا آنسة .. (
عادت ليلى أدراجها واتخذت لها مقعدا .. لم تستطع القدوم مبكرا لأنها بقيت تنتظر مها ..التي لم تأت ..
خلال ثواني صرخ جهازها الخلوي ..بطريقة أفزعتها .. واضطرت لإسكاته بسرعة ..
صالح ـ لم أقل هذا .. ولكن شيء بديهي اقفال اجهزتكم أثناء المحاضرة ..على الأقل وضعها على الوضع الصامت .
كان الإتصال من مها .. لكنها لم تتصل بها.. وضعت جهازها على الوضع الصامت.. ووضعته في حقيبتها.. منعا لأية اهانات أخرى من قبل هذا الأستاذ . ركزت في ملامحه ..تشعر بأنها قد رأته في مكان ما.. لم تكن قد ركزت في محاضرته بسبب انشغالها في الكتابة .. انتقل نظرها بين الطالبات .. أشكال غريبة مبهرجة بالألوان سواء في وجها أو في ملبسها والعطور التي تكاد أن تلتصق بها من قوة رائحتها.. شعرت أنها بينهن باهته .. بلا أي لون ..ولا أي رونق .. بعبائتها السوداء وشيلتها السوداء ..وشنطتها السوداء.. أهي في حداد؟؟ حتى الحذاء ..أسود ..
ـ آنسة .. كفاك أحلام يقظة ..
رفعت رأسها وهزت رأسها بنعم .
صالح ـ أين يقع سور الصين العظيم؟
ليلى ـ في اليابان !
صالح ـ وبرج بيزا المائل؟
ليلى ـ في ايران !
صالح ـ أتتذاكين يا آنسة؟
ليلى ـ لا يا أستاذ .. لا أفعل .
صالح ـ من القائل أنا أفكر إذا أنا موجود ؟
لأول مرة شكرت ليلى فاطمة التي لاتكف عن الفلسفة على رأسها .
ليلى ـ نابليون بونابرت .. . هل لي بسؤال يا أستاذ ؟
صالح ـ أسألي ما شئت .
ليلى ـ أعتقد أنني دخلت إلى محاضرة لعلوم الحاسب الآلي .. الكمبيوتر . لا أفهم مالذي جعلها ثقافيه وفلسفة..فسور الصين في الصين وبرج بيزا في ايطاليا .. وقائل العبارة هو ديكارت .. وهذه أشياء لا علاقة لها بالكمبيوتر !
صالح ـ ممتاز.. إذا تفهمين أنك في محاضرة .. لست في المنزل لتغرقي في أحلام اليقظة .. هذا ما كنت أريد الوصول إليه ..ماذا تعرفين عن الphp ؟؟
ليلى ـ بالتأكيد لا يضاهي ماتعرف ..
صالح ـ نحن هنا لسنا في محادثة .. أنا أسألك وأني تجيبين .
ليلى ـ لاشيء .
صالح ـ والnetwork ؟؟
ليلى ـ الشبكات؟؟ لا أخفيك سرا أني لا أعرف عنها شيئا .
صالح ـ و HTML؟؟
ليلى ـ كسابقاتها .. لاشيء .
صالح ـ والبرتوكول؟
ليلى ـ سأختصر عليك الجهد .. لا أعرف شيئا عن الحاسب .. وما تعلمته في المدرسة تبخر بمجرد انتهاء الأمتحان النهائي !!
صالح ـ رغم أن ما سألتك عنه ليس درسنا اليوم .. لكني أردت أن أرى إلى أي مدى تصل ثقافتكم بهذا الجهاز.. ويبدو أنها لاتتعدى قدرتكم على فتحه وإغلاقه .
رفعت ليلى يدها .
صالح ـ نعم .
ليلى ـ أستاذ هل لي بسؤال أخير ؟
صالح ـ تفضلي ..
ليلى ـ هل ما ذكرته من ضمن الأشياء التي ستسألني عنها في المحاضرة القادمة ؟؟
صالح ـ ممم .. جيد .. يا آنسة .. لقد كلفتي نفسك للتو ببحث .. أريد غدا صفحة كاملة عن كل مصطلح ذكرته لك ..
شعرت ليلى أن دكتور صالح قصد اهانتها بطريقة ما .. مالسبب ؟؟ ليس لديها أدنى فكرة . لكنها متأكده من أنها رأته في مكان ما .. تنهدت بتعب ..
وعندما خرجت من المحاضرة التقت مها وأخبرتها بكل ما حدث معها ..
مها ـ رائع .. بحث منذ المحاضرة الأولى !!يالها من بداية ..
***
مها ـ لنذهب للمعرض؟؟؟
ليلى ـ معرض ماذا ؟؟
مها ـ الالكترونيات .. والحواسيب .. هيا بنا ..
ليلى ـ لا أرجوك .. اكتفيت من الحواسيب اليوم .. سأذهب غدا .
مها ـ ماذا ستفعلين لبقية النهار؟؟
ليلى ـ لاشيء .. أبقى مع ثامر .. أغسل ملابس والدي أعد العشاء .. انتهيت ..
مها ـ أنا سأذهب للمعرض .. إلى اللقاء ..
ليلى ـ إلى اللقاء ..
(لأول مرة تنتقد نفسها .. لأول مرة تقارن نفسها ببقية الفتيات ..مالسبب ياترى ؟؟ مالذي جعلها اليوم تغرق في أفكارها وتتعرض لذلك الموقف المحرج ؟؟)
**************************
عادت للمنزل لدى ثامر مباراة اليوم .على ما يبدو أنه سيحرز بطولة المدارس هذه السنة ..دخل والدها وعلى وجهه ملامح السعاده ..
ليلى ـ مرحبا .. عدت مبكرا .
محمد ـ يا ابنتي لاتتخيلي مدى فرحي اليوم ..
ليلى ـ مالسبب ..
محمد ـ لقد تقدم لخطبتك اليوم شخص ممتاز .
ليلى ـ ماذا؟
محمد ـ انه ابن رئيسي في العمل وهو موظف كبير ..
فجأة عادت كلمات خالتها للتردد في صدى رأسها .. لولا والدك .. شعرت بانفعالات قوية في طريقها للخروج ..
ليلى ـ لا أريد .
محمد ـ ماذا ؟؟ لماذا؟
ليلى ـ أبي .. لاأريد أن أتزوج ..أرجوك ..
محمد ـ مالسبب ؟؟
ليلى ـ لا أريد يا أبي .. أرجوك ارفض .. تحجج بأني صغيرة مريضة مجنونة!!لا أريد ..
محمد ـ لماذا؟
لم تستطع أن تقول لوالدها ماقالته لها خالتها .. فتحججت بشيء آخر ..
ليلى ـ لن أتزوج يا أبي .. لن أتزوج .. حتى يكبر ثامر .. ويغدو شابا .. لا أريد يا أبي ..
محمد ـ كفى بكاء .. كفى بكاء .. .. لاتريدين ذلك لابأس .. ليس أول شخص نرفضه .. لابأس ..
احتواها بين ذراعيه محاولا تهدئتها ..
شعر محمد بذنب كبير ..خاف من أن تكون ليلى قد اتخذت موقفا سلبيا من الموقف الذي حدث لها منذ سنوات .. قد يؤذيها لآخر حياتها ..
لقد رفضت ابن خالتها.. ورفضت ابن أعز أصدقائه إلى متى ؟؟ لاتزال صغيرة ..لكن ..إلى متى؟؟
(الحب شيء لامفر منه)
ابتسم عندما وصلها مسج إلى جهازها الخلوي .. كان رقم فاطمة في مصر ..
اتصلت بها ـ ماذا استجد بينكما؟
فاطمة ـ لقد اعترف لي بإعجابه .. لكني لم أبادله الإعتراف حفاظا على مبادئي.
ليلى ـ أعترف؟
فاطمة ـ أجل .. رأيت صورة ابنة عمته .. انها رائعة الجمال مقارنة بي .. لكنك تعرفينني ... أنا من أبحث عن الروح .. ليس الجمال .
ليلى ـ أنت جميلة .. كوني واثقة من نفسك ..
فاطمة ـ أتعرفين؟؟ الآن قد عذرت تشارلز .. ولي عهد بريطانيا ..
ليلى ـ ماذا تقصدين ؟
فاطمة ـ في تركه لديانا وزحفه لتلك القبيحة كاميلا .. الإنسان لايملك مشاعره .. لايملك انتمائه .. انه ..لا أعرف ماذا أقول .. ليس بيدك .. انا لغة الأرواح .. لغة العقل ..
ليلى ـ كاميلا ..أقصد فاطمة .ماذا تقولين؟
فاطمة ـ أقول لك .. ما أجمل الحب ..وما أسوأه ..إ سأذهب الآن ,,لحظة ..ماذا حدث لذلك الإستاذ الذي حطمتي عظامه ؟
ليلى ـ آآآه الآن عرفت أين رأيت الأستاذ صالح !! لقد حضرت له اليوم أولى محاضراته .. كنت متأكده من أني رأيته في مكان ما ..
فاطمة ـ لاتعرفين ما يفعله القدر .. قد يورطك في قصة فاشلة كقصتي .. أو ناجحة ..
ليلى ـ فاطمة ..أنا متأكدة من أنك جننت .. لاشك . ماذا فعل بك هذا الذي اسمه طلال؟
فاطمة ـ جعلني أشعر بطعم الحياة ...أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزااان وأنا من قبلك لن أدخل مدن الأحزان ..لم أعرف أبدا أن الدمع هو الإنسان .. وأن الإنسان بلا حب ذكرى انسان .
ليلى ـ أعتقد بلا حزن ! ليست بلا حب ..
فاطمة ـ أعرف ..لكن يجب أن تكون هكذا الأغنية لتتلاءم مع الحب ..
ليلى ـ أيتها المجنونة ..
*********************
انتهت من البحث .. وسلمته للأستاذ صالح ..
مها ـ أتتوقعينه ينتقم مما حدث له بسببك؟
ليلى ـ لا يعرف أنه بسببي .. فاستبعد هذا الإحتمال .
مها ـ انه يتحقق من الأوراق .
ليلى ـ فليفعل ما يشاء .. نفذت أقصى ما استطعت وإن لم يعجبه .. فليفعل ما يشاء .
مها ـ إن قلت لك شيئا لاتغضبين مني ؟
ليلى ـ ماذا؟
مها ـ أنه يعرف أنك السبب في وقوعه ذلك اليوم ..
ليلى ـ ماذا؟؟
مها ـ كنت أخبر هند بماحدث .. وقصصت عليها القصة كاملة . وعندما انتهيت انتبهت إلى الأستاذ صالح كان خلفي !!
ليلى ـ أووه .. لا.
مها ـ أجل .. وأبدى تهكما واضحا .. انزعاجا لابأس به .
كان يقف وهو يرتب أوراقه ..لم يعلق عن البحث .. انما اكتفى بحديث بسيط عن المصدر ..
**********
بعد مرور أسبوعين ...حاولت بكل جهدها اثبات نفسها أمام الأستاذ صالح ..
ذهبت للمعرض لوحدها ... اليوم هو اليوم الأخير .. طلاب من جامعة البنين موجودون أيضا .. فكرة خاطئة أن تأتي لوحدها .. وكانت فكرة صائبة أن تستعير نقاب مها .. فلم يطلب منها والدها أن تغطي وجهها ..الذي يبدو كوجهه مراهقة في الثالثة عشر . أكثر منها في الثامنة عشر ..لكنها سترتدي النقاب قريبا ..
ابتسمت وهي تتأكد منه .. الحل الذي وضعته لها مها يبدو لائقا بعينيها اللوزيتين البنيتين .. ورموشها الكثيفة .. التي تشابكت برموشه السفلية . مكونة زاوية جذابة في عينها ..
ـ احم .. لو سمحت..
ليلى ـ استاذ صالح ..
ـ ليلى؟؟ لم أميزك .. ماذا تفعلين هنا ؟؟
ليلى ـ أتجول .. قد يعجبني شيء ما ..
ـ في اليوم الأخير ؟؟ أتعلمين ؟؟ سأساعدك في بعض الأشياء التي قد تحتاجين لها أثناء محاضراتي القادمة ..
ليلى ـ رائع .. أتمنى ذلك فعلا .
كانت تختلس نظرة إليه بين فترة وفترة .. كان وسيما فعلا .. طويل .. أسمر البشرة .. الفارس الشرقي الأسمر .. ضكت من نفسها على هذا التعبير ..
ـ الأميرة النائمة .. إلى أين شرد تفكيرك؟؟
ليلى ـ ليس إلى مكان .. أنا أسمعك ..
ـ إذا لماذا لم تجيبي على سؤالي ؟
ليلى ـ أنتظر الإجابة منك ..
صالح ـ سألتك إذا لديك جهاز حاسوب windows xp أو لا تنتظرين الإجابة مني؟؟
شعرت ليلى بالحرج .. فأنزلت عينيها إلى الأرض ..
وهزت رأسها بنعم ..
صالح ـ أتعرفين .. لدي شعور بأنك لست ملائمة للهندسة .
ليلى ـ ولماذا حكمت علي بهذا؟؟
صالح ـ لاتبدين من الفتيات الطموحات .. تبدين من الفتيات الهادئات الممسالمات .. الهندسة تتطلب فتاة قوية.. صامده .. طموحة ...لاأنكر اجتهادك ..و أبحاثك وواجباتك الجيده ..
ليلى ـ لكني اجتزت الكورس الجامعي الأول بامتياز في جميع المواد ..
صالح ـ لاتزالين في الهندسة التأسيسية .. لم تدخلي فعليا تخصص الهندسة ..
ليلى ـ لولا ظروفي .. لسافرت مع صديقتي لدراسة الطب.. فأنا فتاة مجتهدة ..
صالح ـ ربما ..
لم تعجبها كلمته.. فهو يحاول أن يهدم ثقتها بنفسها .. مضت الدقائق سريعة وهي تتجول معه في المعرض ..
صالح ـ مر الوقت سريع.. ألا يشعرك بالغضب مرور الوقت من بين يديك وعدم استغلالك له؟؟
(أهذه طريقه ليقول لي أنه أضاع وقته في التجول والحديث معي ؟؟ (
ليلى ـ لقد ضيعت فعلا أسبوعين من حياتي ..
لم تعرف لم نطقت بهذا .. لكنه لسبب ما أرادت الحديث معه بطريقة تجعله يشعر بالذنب ..
صالح ـ كيف؟
ليلى ـ في أحد الأيام كنت لوحدي في المنزل .. قرع أحدهم الجرس .. وعندما فتحت كان شخص حقير .. استغل وجودي وحدي في المنزل وحاول ايذائي ..
انتبهت لجموده .. واهتمامه ـ وماذا حدث ؟
ليلى ـ ضربني وأسقطني أرضا على حافة السلم .. فقدت الوعي وهو عندما رأى الدم الذي ينزف مني حاول الهرب.. لكنه لم يفلح .. وبقيت في غيبوبة لمدة أسبوعين .. الدكتور كان فعلا مندهش لعدم تعرضي لإعاقة عقلية ..
شعرت بالرضى وهي ترى ملامح وجهه .. كيف لانت فجأة بعد أن كانت قاسية ولئيمة .
صالح ـ ووالدتك أين كانت؟؟
ليلى ـ أمي توفيت منذ وقت طويل .. لا أذكر وجهها .. وحتى الصور .. ليست .. ليست محفزا قويا ..
صالح ـ لا تتذكرينها؟؟
ليلى ـ لا .. عندما أقول أمي ... أشعر بظلام يغلف اسمها وظلال لانهاية لها ..
صالح ـ ......... وذلك الذي ..تسبب لك بهذا؟
ليلى ـ خرج من السجن منذ سنتين .. يقول أبي أنه مجرد مراهق .. وقد حفظ جزءا كبيرا من القرآن وقدم إليه إلى عمله ليعتذر .. ويطلب الغفران .. أصبح من العباد الصالحين ..
شعرت ليلى بغباء.. لإسترسالها بالحديث معه .. عن حياتها .. لكنها لم تعرف السبب الذي لايجعلها محرجة ..
صالح ـ أتعلمين أن ركبتي بين حين وآخر تؤلمني بشدة؟
ليلى ـ أنا متأكدة من ذلك .. فقد سحقت اسطوانة حديدية كانت تحمي أحمر الشفاه .... أنا فعلا آسفة ..
صالح ـ لا بأس ..ليس ذنبك ..كنت قد تأخرت على أحد الإجتماعات ولم أرى طريقي .. لكي لم أتوقع فعلا أن يكون في طريقي أحمر شفاه ..
**********************
ليلى ـ كيف هو الحب الأفلاطوني؟
فاطمة ـ مازال كما هو .. مغلف بحزن الأيام والأحلام المستحيلة ..
ليلى ـ فاطمة . أتذكرين ذلك الأستاذ؟
فاطمة ـ الجامعي؟؟؟ أجل مابه؟؟
ليلى ـ كان يترصدني بشكل غير طبيعي .. لايوجه الأسئلة سوى لي .. ويكلفني بأبحاث كثيرة .. لاداعي لها .. ولا أستطيع أن أرفض فإن رفضت .. سيعطيني درجة مقبول ..
فاطمة ـ لم لاتوجهين شكوى إلى رئيس القسم؟
ليلى ـ لا . لاتصل إلى هذه الدرجة ..
فاطمة ـ ماهذه الرائحة التي أشمها ؟
ليلى ـ رائحة ماذا ؟؟
فاطمة ـ أشم رائحة اعجاب ..مم حب .
ليلى ـ ماذا؟؟ مستحيل ..لا .. أنها فقط قصة الحادث الذي حصل وعلى ما يبدو أنه ينتقم مني ..
فاطمة ـ وما أدراه ؟؟
ليلى ـ علم بطريق الصدفة .. فاطمة .. سأضطر للذهاب . لم أنهي أعمال المنزل ..
سمعت ضحك فاطمة على الجانب الآخر .. وابتسمت .. بعد أن ودعتها ..
ابتسمت .. واتجهت إلى المرآه .. خلال الأيام الاضية توردت قليلا .. بان في عينيها بريق غريب ..انه.. مختلف.. مختلف .. إنها تستمتع بتلك المجادلات التي تحدث بينهم .. لأول مرة .. تهتم بماتلبس .. وكيف تبدو..
لأول مرة تشعر بشعور غريب .. أصبحت تشتاق للذهاب لجامعة .. تصحو منذ الصباح وهي متلهفة .. خلال شهر.. تغيرت حياتها ..من البؤس .. إلى الحياة بحد ذاتها .
**************
لم يبدر منه شيء يسيء إلى سمعته كرجل أو كأستاذ .. كان محترم جدا .. عزيز النفس قليل الكلام .. ابتسمت عندما تذكرت ذلك الموقف ..
دخلت إلى مكتبه .. أرادت تسليمه أحد المراجع التي استعارتها منه .. لم يكن غيره في المكتب .. وضعت المراجع على الطاولة وتمتمت بكلمة شكر ..
وعندما أرادت الخروج ..
ـآنسة ليلى.
ـ نعم ..
صالح ـ لا أود أن أكون وقحا في كلامي .. ولكن .. شعرك يتدلى من تحت حجابك.
كان يقرأ في كتاب ..ولم يركز نظراته عليها .. اضطرب تنفسها .. ومدت يدها إلى تلك الخصل التي تتدلى على ظهرها وأخفتها بهدوء تحت عبائتها.. وكان وجهها قد احمر احراجا .. أرادت أن تشكره .. لكنها لم تستطع ... تصرف كأنه غير موجود .. بل كأنها هي غير موجوده ..
ليلى ـ أستاذ ..
صالح ـ نعم ..
ليلى ـ شكرا .
خرجت وهي تحمل ألف تساؤل في رأسها .. فاطمة .. لايخف عنك شيء يا صديقتي العزيزة .. حتى اضطراب مشاعري رغم بعد المسافة بيني وبينك .. أحسستي به ..
*******************
بعد انصراف جميع الطالبات ..
صالح ـ أقرأت الكتاب؟؟
ليلى ـ أجل .. فيض الخواطر .. أعجبني كثيرا ..
أخرجه من حقيبتها ..
صالح ـ كنت أشعر أنه مناسب للقراءة لطالبة جامعية.
ليلى ـ أجل .. أحببته كثيرا ..شكرا ..
صالح ـ احتفظي به .. لا أحتاجه ..
ليلى ـ لا .. لا أستطيع .
صالح ـ أنا أصر ,, وسأكتب لك اهداء عليه ..
أخذه من يدها .. ودون عدة كلمات .. وأعاده إليها ..
ليلى ـ شكرا ..
صالح ـ سلمي الواجب يوم الأحد ..
ليلى ـ حسنا ..
صالح ـ أراك بعد يومين؟
ليلى ـ حسنا ..
خرجت من القاعة .. وكانت مها واقفة هناك ..
مها ـ ظننتك ستعيدين الكتاب له فقط ؟؟
ليلى ـ أجل.. وأخذت كتابا آخر ..
لم تستطع ليلى أن تبوح لمها بما حدث .. فليست محتاجة لمشاكل لا أساس لها من الصحة ..
لم تطق صبرا حتى وصلت إلى غرفتها .. وأقفلت الباب .. وأخرجت الكتاب وقرأت الإهداء ..
((إلى طالبة مميزة ..
عندما تشعرين بالملل .. فهو صاحبك المفضل ..
صالح سالم .. ((
كان خطه مميزا .. شعرت بسعاده كبيرة .. لاتطيق صبرا حتى يأتي الأحد . نظرت إلى أكياس الملابس.. والمكياج.. فجأة .. عادت الألوان لحياتها . لأول مرة تشعر بأنها جميلة .. تكفي نظرة منه .. تجعلها متوردة متزعزعة القواعد ..
تبدو مختلفة بكثير عن السابق .. عادت البسمة إلى حياتها .. أحس الكل بهذا التغير .. ولم يسألوها عما غير حياتها ..
***********************
بدأ درسه.. وفي وسط انشغال ليلى بالتركيز ووصلتها رسالة على جهازها الخليوي .
(ليلى اتصلي ضروري على هذا الرقم أبو ناصر (
استغربت أبو ناصر من ؟؟ولم الرسالة وصلت من رقم والدها ؟؟
رفعت يدها بتردد .
صالح ـ نعم ؟
ليلى ـ هل أستطيع الخروج لمدة دقيقتين؟
أشار لها صالح بالذهاب .. خرجت وتركت حقيبتها وكتبها وأمسكت فقط بجهازها ..
ليلى ـ ألو السلام عليكم ..
ـ وعليكم السلام ليلى ؟؟
ليلى ـ نعم .من؟؟ ولماذا استخدمت رقم والدي ..
ـ ابنتي نحتاج أن ترسلي لنا شخص من أهلك؟؟
ليلى ـ ماذا؟؟ أين أبي ؟؟ ولم تريدون هذا الشخص ؟
ـ ... لم أرد أن أخبرك عبر الهاتف .. ولكن صباح اليوم تعرض والدك لحادث.
ليلى ـ أهو بخير؟
ـ للأسف .. لم ينج ..
اهتزت ليلى لهذا الخبر .. واختنقت .. ولم تمسك عبراتها .. هوت إلى الأرض . لكنها لم تفقد الوعي ضمت ركبتيها إلى صدرها .. وانهارت بالبكاء ..بصوت مخنوق غير واضح .. لم تستطع اكمال المكالمة ,,اتصلت بعمتها .. وقالت لها بهمس عن ما سمعت ..
مرت الدقائق بطيئة .. وهي في صدمة مما سمعت . وتحاول مسح دموعها بطرف عبائتها ...
ـ ليلى؟
رفعت رأسها وكان الأستاذ صالح يمد راسه من باب القاعة .. ثم أغلق الباب بهدوء واقترب منها ..
ـ مرت عشر دقائق .. ليست دقيقتين ..
ليلى ـ ............
ـ ماذا بك ؟
ليلى ـ لقد .. علمت للتو أن أبي قد توفي ..
صمت صالح ولم يستطع التعليق .. نقل إليها تعزيته بكلمات مترددة ..ثم وقف وعاد إلى القاعة.. خرجت بعد ثواني مها وهي تركض حاملة أغراض ليلى .. وأخذتها إلى المنزل .. بصحبة سائقها ..
طوال ثلاثة أيام حبست ليلى فيها نفسها في غرفتها ..لم تخرج لأي معزيين .. ازدادت حياتها وحشة .. وحزنا.. حاولت عمتها وخالتها محادثتها لكنها لم تنطق سوى بأنها مازالت على قيد الحياة .
**********
ثامر ـ كفاك .. كفاك ..اجلسي وكلي شيئا .
ليلى ـ لا أريد .
كانت ليلى تدور وترتب المنزل .. وتعتني به أفضل اعتناء ..وفقدت الكثير من الوزن ودائما تمسك بكتبها وتحاول الدراسة بجهد.. لكنها لاتستطيع تذكر كلمة أو كلمتين.. لم ترضيا عمتها وخالتها ببقائها مع ثامر فقط.. لكنها رفضت التزحزح خارج منزلهم ..
ثامر ـ سأجد لي عملا .
ليلى ـ أمجنون أنت؟؟ أي عمل وأنت في الخامسة عشر؟
ثامر ـ كيف سنعيش؟
ليلى ـ لا تخاف .. صديق والدي تدبر لنا اجراءات راتبه التقاعدي ..
ثامر ـ لكن ..
ليلى ـ أنا وأنت سنكمل دراستنا إلى أن نتخرج .. لن يعيقنا شيء .. راتب والدي سيكفينا .. سيوصلنا السائق إلى أي مكان نريد .. الشيء الوحيد الذي سيتغير هو غياب والدي عن حياتنا ..
ثامر ـ أستصبحين رجل البيت؟
ليلى ـ شخص ما يجب أن يحمل المسؤولية ..
قام ثامر وأراد الخروج ..
ليلى ـ إلى أين؟؟
ثامر ـ إلى غرفتي ..هل ستتحكمين في أيضا؟؟
ليلى ـ ثامر .. أنت الوحيد الذي بقي لي .. أرجوك .. لا أريد فقدانك ..
*************
رمت بالهاتف بقوة إلى الحائط ..
نورة ـ ماذا فعلتي؟
ليلى ـ قولي لشقيقة زوجك التي هي خالتي أني لا اريد منها معروفا .. ولا أريد الزواج بابنها.. قولي لها هذا بوضوح .. سأذهب للجامعة ..
نورة ـ ليلى .. ماذا تقصدين؟؟
ليلى ـ أقصد لا يعني أن والدي توفي أن تتحكموا بحياتي .. لدي ثامر .. ولن أتزوج حتى يغدو شابا .. ولـن أتزوج بزياد.. المتباهي الأحمق ..
خرجت من المنزل وهي غاضبة جدا .. جدا .. مر شهر .. منذ وفاته .. وهي تحاول أن تنسى .. بالعمل المستمر والتركيز في الدراسة.. لم يتغير شيء .. سوى شيء واحد .. نظراته ..لم يعد ينظر إليها ! وفي المحاضرات يتصرف كأنها غير موجوده وفي أول امتحان حصلت على علامة جيد جدا ., ربما لأنها نفسها لم تكن تتتيح له الفرصة ..
فلم تعد ترفع يدها .. أثناء محاضرته وتمضيها بصمت .. على غير عادتها .. غادرت جميع الطالبات وبقيت هي وحيده .. تفكر بتعب ماذا ستفعل اليوم وأولى المحاضرات ستكون محاضرته ..
صالح ـ لم تغيرتي؟
ليلى ـ ماذا؟؟
صالح ـ ماذا حصل ليلى .. تدخلين المحاضرة وعلى رأسك لافته لا أحد يقترب مني . أبحاثك سيئة ..واجباتك أسوأ .. وما باله وجهك قد تغير هكذا؟
انتبهت ليلى إلى أنها الوحيده في هذه القاعة ..وبأن صالح يتكلم إليها ..
صالح ـ أنا لست الأستاذ المراهق .. لاتذهب أفكارك إلى بعيد .. لكنك تهميني ..وعندما رأيتك ذلك اليوم في ذلك الإنكسار ..تأكدت من أهميتك لدي .. ستقولين أستاذ مراهق ...غبي .. لكني مهتم بك فعلا ..
ليلى ـ ماذا؟ منذ متى؟
صالح ـ أجل تهمينني .. منذ تلك اللحظة التي نظرتي فيها بتعال إلي .. بكره .
ليلى ـ أستاذ صالح .. أنا فقط أمر بظروف ..
صالح ـ أي ظروف تلك التي تجعلك بهذه الصورة؟؟ وكأنك أصبحتي لاتهتمين للحياة .. لا أنكر أنني لاحظت فيك هذا الشيء منذ البداية ..
ليلى ـ لاحظت؟
صالح ـ أجل ..أشعر بأنك طوال شهر قللت من قيمتي ..وتحديتني بطريقة سخيفة ..
ليلى ـ قللت ؟؟ ماذا قلت ؟؟ أنتم الرجال لاتهمكم سوى غريزتكم ..سوى أنفسكم .. أنني أرى الحيوانات أرقى منزلة منكم ..أنتم حثالة .. حثالة .. أشياء لايهمها سوى السيطرة السيطرة والإهانات والإيذاء.. فقط .. أين ضميرك كأستاذ؟؟ أين وجودك كإنسان ؟؟ أين أنتم من الإنسانية ..
خرجت وهي لا تستطيع كتم دموعها .. لقد أفرغت مكنون قلبها .. في أول أنسان شعرت به غير حياتها .. في أول شخص دخل إلى حياتها إلى مشاعرها ..إلى قلبها ...
*************************
بعد تفكير طويل .. اكتشفت أنها قد ارتكبت غلطة شنيعة في حق من تحب . اكتشفت أنها أذته .. أجل أذته.. جاءها مهتما .. جاءها يريد مصلحتها .. قلقا ..لكنها صرخت في وجهه .. نظرت إلى المنزل الفارغ .. وقلب ممتلئ بوحشة غريبة .. صالح .. لا .. ماذا قالت له؟؟ كيف سمحت لنفسها ؟؟
دخل ثامر ..
ـ أين كنت .. ؟
ثامر ـ مع أحد أصدقائي ..
ليلى ـ لم لم تتصل ؟؟
ثامر ـ اتصلت وقلت لك منذ ساعات أني سأتأخر ! ..كفي عن مراقبة حياتي .. و حمل مسؤوليتي والتفتي لنفسك .
ليلى ـ ماذا تقصد ؟
ثامر ـ لم أعد صغيرا لكي تقلقي علي كأمي ! أليس هناك في الحياة شيء غيري ؟؟
دخل إلى غرفته بغضب ..
ليلى ـ مراهق .. لايعرف ماذا أفعل له .. ياله من جاحد ..
بعد ليلة طويلة .. وتفكير أطول .. فتحت جهازها لتتصل به .. لديها رقمه فهو أحد أساتذتها ..
لم تنتبه للساعة التي أشارت إلى الثالثة صباحا ..
لكنه أجاب ..
ـ ليلى ..
ـ ................. آسفة ..
صالح ـ توقعتك لن تريني وجهك بعد اليوم ..
ليلى ـ أعرف .,. آسفة .. لكن ..
قصت عليه كل معاناتها .. وسبب اكتئابها .. مسؤوليتها حول ثامر .. رحيل والدها كيف أذاها .. وتشعر بأنها أمست وحيده..آملة في أن يسامحها .. تحدثت بلا هواده ..ناسية كل شيء .. مبادئها .. مستقبلها .. حياتها ..
بدى متعاطفا جدا ... ونطق كلمات رائعة لم تستطع ليلى أن تنساها ..
صالح ـ ليلى ,.. أتمنى أن نتكلم غدا .. فزوجتي الآن نائمة ولا أريد ازعاجها .
كأن أحدا سكب عليها دلوا من الماء المثلج .. فجأة نقاء مشاعرها تحولت إلى ظلام .. ظلام دامس.. لا تستطيع أن تتنفس ..
ـ حاضر .
صالح ـ ليلى .. رغم أني متزوج .. وأنتي تعرفين هذا .. لكن .. أنتي .. لست كالباقيات..بالنسبة لي .. لك مكانة خاصة جدا .. جدا .. ولم أتزوج سوى منذ سنة ..ولو عاد بي الزمن ..لأجلت ذلك سنة .. وتبقي أنت غير ..
ليلى ـ أجل .. أفهم ..
(فأنا أغبى منهن .. وحمقاء .. (
أغلقت الهاتف وهي تشعر بهبوط شديد في قلبها .. لماذا؟؟ لماذا الرجل الوحيد الذي فتحت له قلبها متزوج؟؟ لماذا؟؟ المصيبة أحبه.. أحبه . ولا أستطيع الكف عن حبه .. سواء كان متزوجا بواحده أو أربع ! كان خطأي .. لم أسأل عنه.. ولم أتكلم عنه أمام الأخريات .. وإلا لذكرت لي أي منهن أنه متزوج الحب .. يالقوة هذه الكلمة.. هذا الشعور الغريب الذي تغلل أعماقي ..حتى الثمالة .. الحب .. لطالما استخففت بك .. لكنك الآن تستخف بي .. أعلن انهزامي .. أعلن استسلامي .. أعلن مأساتي ..
بعد ساعتين من التفكير والدموع .. اتصلت بفاطمة ..
فاطمة ـ ماذا هناك لم اتصلت في هذا الوقت؟؟
ليلى ـ لأقول لك أني فهمت علاقة تشارلز وكاميلا ..
فاطمة ـ ماذا تقصدين ؟؟
ليلى ـ الشخص الوحيد الذي أحببته .. متزوج ..ويستحيل أن يرتبط بي ..
فاطمة ـ ومالحل ؟؟
ليلى ـ ...... سأنهي دراستي .. وأعتني بثامر ..
فاطمة ـ وهو ؟؟
ـ سأعيش دائما متعلقة بأمل .. !!فأمامي خمس سنوات !


النهاية ...



 

 

 

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.