هذى الكون الفسيح الذي يعج بمخلوقات الله تضاءلت جباله الشامخة , وبحاره الزاخرة , ومهاده الواسعة ، أمام مخلوق ضعيف هو الإنسان ,
ذلك لما جمع الله فيه من خصائص , و ما منحة من قوة التفكير التي تشع في الأرجاء لتخرج عناصر القوى الكونية ، وتجعلها في خدمة الإنسانية
وما كان الله ليذر هذا الإنسان دون أن يمده بقبس من الوحي بين فترة وأخرى يقوده إلى معالم الهدى ليسلك دروب الحياة على بينه وبصيرة ،
إلا إن غلواءه الفطري يأبى عليه الخضوع لقرينه من بني الإنسان ما لم يأت له بما لا يستطيع حتى يعترف ويخضع و يؤمن بقدرة عليا ً فوق قدرته ،
فكان رسل الله الذين يتـنزل عليهم الوحي ويؤيدهم الله بخوارق العادات التي تقيم الحجة على الناس فيعترفون أمامها بالعجز , ويدنون لها بالولاء و الطاعة
ولكن العجز البشري كأن في أطوار نموه الأولى لا يرى شيئا ً يأخذ بلبه أقوى من المعجزات الكونية الحسيه حيث لا يرقى عقله إلى السمو في المعرفة والتفكير فناسب هذا أن يبعث كل رسول إلى قومه خاصة
وأن تكون معجزته فيما نبغ فية قومه خارقة لما ألفوه ليتحقق بعجزهم عنها إيمانهم بأنها من قوى السماء , فلما أكتمل العقل البشري أذن الله بفجر الرسالة المحمديه الخالدة إلى الناس كافة
وكانت معجزتها معجزة العقل البشري في أرقى تطورات نضجه و نموه , فبينما كان تأييد الله لرسلة السابقين بآيات كونية تبهر الأبصار ,
ولا سبيل للعقل في معارضتها . كمعجزة اليد والعصى لموسى , وإبراء الأكمه والأبرص وإحيا الموتى لعيسى, كانت معجزة محمد معجزة عقليه تحاج العقل البشري و تتحداه إلى الأبد , وهي معجزة القران الكريم بعلومه ومعارفه وأخباره الماضية و المستقبلة