بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام ابن القيم رحمة الله :
الفرق بين النصيحة والتأنيب أن النصيحة إحسان إلى من تنصحه ، بصورة الرحمة له ، والشفقة عليه ، والغيرة له وعليه ، فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة ، ومراد الناصح بها : وجه الله ورضاه ، والإحسان إلى خلقه ، فيتلطف في بذلها غاية التلطف ، ويتحمل أذى المنصوح ولا ئمته ، ويعامله معاملة الطبيب العالم المشفق على المريض المشبع مرضاً ، وهو يحتمل سوء خلقة وشراسته ونفرته ، ويتلطف في وصول الدواء إليه بكل ممكن فهذا شأن الناصح .
أما المؤنب فهو رجل قصده التعيير والإهانة ، وذم من أنبه ، وشتمه في صورة النصح ، فهو يقول له : يافاعل كذا وكذا ، يامستحقاً للذم والإهانة ، في صورة ناصح مشفق .
وعلامة هذا أنه لو رأى من يحبه ويحسن إليه على مثل عمل هذا أو شر منه ، لم يعرض له ، ولم يقل له شيئاً ، ويطلب له وجوه المعاذير ، فإن غلب قال ، وإني ضمنت له العصمة ؟ والإنسان عرضة للخطأ ، ومحاسنة أكثر من مساويه ، والله غفور رحيم ، ونحو ذلك .
فيا عجباً !! كيف كان هذا لمن يحبه دون من يبغضه ؟ وكيف كان حظ ذلك منك التأنيب في صورة النصح ، وحظ هذا منك رجاء العفو والمغفرة وطلب وجوه المعذير ؟!
ومن الفروق بين الناصح والمؤنب ، أن الناصح لا يعاديك إذا لم تقبل نصيحته ، وقال : قد وقع أجري على الله ، قبلت أو لم تقبل ، ويدعو لك بظهر الغيب ، ولا يذكر عيوبك ، ولا يبينها للناس ، والمؤنب ضد ذلك .
نسال الله ان يوفقنا واياكم بما يحب ويرضى ودمتم على خير
أخوكم عــ كــ