'يحتشمن' في نهار رمضان و'يتحررن' في ليله
تتنامى في شهر رمضان بالمغرب ظاهرة الفتيات والنساء اللائي 'يحتشمن' وقد يلبسن الجلباب والحجاب ويبتعدن عن التعري والإغراء الأنثوي وأدوات الزينة في نهار رمضان، لكن سرعان ما يعدن إلى طبيعتهن في الليل مباشرة بعد الإفطار، حيث يتبرجن ويزلن عنهن ملابس الحشمة والاحترام، ويخرجن للتنزه والسهر في المقاهي والمطاعم أو للقاء الصديقات والأصدقاء في حرية وسلوكات تناقض ما كن عليه خلال نهار رمضان.
وتعتبر ليلى، شابة في التاسعة والعشرين من عمرها، أن احتشامها في نهار رمضان يعود إلى طبيعة الشهر التي تقتضي احترام قواعده والانسجام مع روحانيته، لكنها تستدرك أنها بالليل لا يمكنها إلا أن تتصرف كما كانت تفعل طيلة الأيام العادية، فتخرج متزينة لغرضين اثنين، الأول للتنفيس عن النفس والترويح عنها بعد يوم طويل من الصيام وأشغال البيت والمطبخ، والثاني بحثا عن لفت الانتباه إليها عسى أن تظفر بفرصة زواج أضحت نادرة في واقع مغربي صارت العنوسة متفشية فيه بشكل كبير
وتساءلت الباحثة الاجتماعية عائشة تاج لماذا التركيز على سلوك الفتيات والنساء أو المرأة عموما في هذه الظاهرة 'داخل خضم تناقضات اجتماعية أكثر أهمية'، معتبرة أن 'الموضوع ذو خلفية ذكورية بامتياز ويصب في اتجاه تحميل المرأة وزر اختلالات المجتمع بأكمله عبر توجيه أصابع الاتهام إليها من خلال لباسها و تصرفاتها'.
ويرى عبد المغيث الشاوي، باحث اجتماعي، أن مثل هذه السلوكيات لبعض النساء والفتيات التي تتناقض بين نهار رمضان وليله إنما تدخل في إطار التناقضات الكثيفة التي يمر بها المجتمع المغربي والتي صارت تُعتبر عادية في السنوات الأخيرة ولم تعد تخلف أي تأنيب ضمير فردي ولا جماعي ولا تستثير أية تساؤلات نفسية وسوسيولوجية جادة لبحث الظاهرة بدعوى أن هناك ظواهر اجتماعية أهم وأخطر للتحليل والاهتمام.
ويقول الباحث الاجتماعي إن تناقض هذه السلوكات في نظرنا نحن لا تراها الفتاة التي تقوم بذلك سوى تصرفا طبيعيا وعاديا، فنهار رمضان لديها يدل على الحشمة في اللباس والاحترام في السلوكات لقبول الصيام، أما ليله فهو كباقي ليالي شهور السنة، باعتبار أن سلوك التدين عند مثل هاذه النماذج سلوك شخصي لا دخل للغير ولا للمجتمع فيه ولا حق له في مراقبته أو توجيهه.