تقرير رمضان بمذاق جديد

[شيخ نفسه]

ناصر صبرة الكسواني

كل عام يدخل علينا شهر رمضان، وهناك من العادات والعبادات التي أصبحت أساسية في جدول كل واحدٍ منا حسب همته ووقته، وفي رمضان هذا بحثت عن عمل واحد فقط أجدد فيه هذا الشهر حتى لا يكون على رتابته معي، ولم أشأ أن أجعله عملاً شكلياً؛ كأن أغير مكان صلاتي للتراويح أو ما شابه، فبحثت، وكنت أظن أني لن أجد، وعندما فتحت الدفتر وأمسكت بالقلم لأقيد القديم، وماذا يمكن لي أن أجدد وجدت الكثير الكثير الذي أستطيع أن أغير فيه مذاق رمضان في هذه السنة، وأجعله مميزاً عن باقي الرمضانات التي صمتها.

لا أريد أن أحول الحديث عن نفسي؛ لكن هي فكرة أحببت أن أبثها إلى إخواني كي نجعل من طعم رمضان هذا العام مختلفاً عما ألفنا في السنين الماضية، ولذلك هاكم ما وجدت من الطاعات التي أغفل عنها في كل عام.

وجدت نفسي أني أغفل عن القاعدة القائلة: التخلية قبل التحلية، وعن تطبيقاتها التي ستكون مفتاح كل خير في هذا الشهر الفضيل؛ كالتوبة من الذنوب قبل الدخول في طاعة علام الغيوب، وتطهير الصدر من الخصومة والعداوة والهجران لأولياء الرحمن، مما يمنع القبول، ويرغم الأنف في آخر رمضان.

وجدت نفسي أغفل عن فريضة الوحدة والإخاء بين المسلمين؛ ففي رمضان أتذكر أن هناك قطاعاً واسعاً من أهل الأرض يعمرون مشارقها ومغاربها يصومون معي، ويفطرون معي، هم إخواني ولهم عليَّ حق، وإن كان أقل ذلك الحق أن أدعو لهم بالخير والبركات في شهر الرحمات. أتذكر إخواني في العراق، فأسأل الله أن يُبرم لهم أمراً يعلي فيه بينهم من شأن السنة وأهلها، ويقمع فيه البدعة وأهلها، وأن يحقن دماءهم الغالية العزيرة، وأتذكر إخواني في فلسطين فأسأل الله أن يجمعهم على البر والتقوى، وأن ينصرهم على البغي والمحتل، وأن يحفظ لنا أقصانا من دنس يهود، وأتذكر وأتذكر..

كذلك وجدت نفسي أغفل عن تذكير نفسي بمعنى الشعور مع الفقير والمحتاج، فقلت: لِمَ لا أكون أبا الضيفان هذا الشهر، ولا أفطر إلاّ وبجواري ضيف فقير أُدخل السرور على قلبه، ويشعرني بنعمة الله عليَّ.

أخي الصائم

اقرأ القرآن واحرص على ختمه، ولكن احرص على تدبره والتأمل في معانيه، فإن الله لا يعذب قلباً وعى القرآن وأحبه ...وجدت نفسي في كل رمضان أختم القرآن ختمة أو ختمات، لكني لم أفكر في ابتكار طريقة تجعلني مع قراءته أتأمل آياته، فهداني الله هذا العام أن أدير كل يوم من أيام رمضان ورشة مدارسة مع أهلي لصفحة من صفحات كتاب الله عساني أن أستمر عليها بعد رمضان، فأتدبر القرآن كله في قرابة العامين، وخير الأعمال أدومها وإن قل.

أخي الصائم

إذا وجدت في نفسك شيئاً من الكلال والملال، فروّح عن نفسك بالخروج من البيت، وقل لنفسك: لِمَ لا أجعل ذلك فيطاعة؟ فابحث عن أي صاحب حاجة يريد عوناً فساعده، فأعنْ ذاك على وضع أغراضه في السيارة، واحملْ لتلك العجوز حتى توصلها بيتها، وقف في الطابور لتشتري لشيخ كبير يعجز عن الوقوف والانتظار، وإن وجدت مَن سيارته قد تعطلت فاحمله لكي يحضر من يصلحها بعدما تحاول أنت أولاً.

أخي الصائم

لا تغفل عن إدخال السرور على أهل بيتك فمازح هذا وداعب ذك، فإن من أجلّ الأعمال عند الله أن تدخل السرور إلى قلب مسلم فكيف إذا كان الأمر يتعلق بأهل بيتك..؟!

جدد نفسك بالطاعات الرمضانية، واجعل لها مذاقاً خاصاً، واختر إحداها، واجعله شعاراً لك يذكرك بأن رمضان عام 1430 كان شهر التميز بالعبادة واللذة في الطاعة، عبادة تتربى عليها؛ لتستمر معك إلى ما بعد رمضان..