معاني هامة لشباب الأمة- (1) معنى الإسلام
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله الرحمة المهداة الموجه بأفعاله وأقواله، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم)).
فإن الناظر لحال أمة الإسلام في هذا الزمان وحال شبابها ليظهر له حال الكر والفر بين أعداء الإسلام وبين شبابه الذين أنعم الله عليهم بالهدى وثبتهم على الطريق وحملهم أمانة الذب عن هذا الدين والدعوة إلى رحابه، والله ناصرهم بفضله وحوله بلا شك فهم عباده الصالحون.((إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))
ولكن الناظر لكيد أعداء الأمة يجد أنهم قد أسقطوا المسلمين في ظلام الجهل وأبعدوهم عن التفكير في الغاية التي من أجلها خلقوا فَضَلَّ البعض الهدف من حياته وراح البعض يتخبط في كل اتجاه يقلد هذا ويتبع هذا بلا علم فصار مسخاً من حضارات عدة ومزجا من أهواء مختلفة بعيدةٌ شخصيته عن الهوية الإسلامية ومنهاجها الرباني.
ونحن في هذا المقام نبدأ بالتعريف ببعض القواعد التي طمست معانيها عن أذهان بعض شباب الإسلام. عسى أن يثبتنا الله بها على الطريق القويم.
ونبدأ بمعنى الإسلام الذي منَّ الله به علينا ديناً وشرعةً ومنهاجاً تستقيم به لنا -بإذن الله- الحياة الدنيا ونفوز بسببه برحمة الله وبجنة عرضها السماوات والأرض بصحبة النبيين ومن قبل كل ذلك نفوز بلذة النظر إلى وجه ربنا الكريم.
فما هو الإسلام؟ وهل يقتصر مفهومه على تطبيق بعض العبادات والأفعال -مع فضلها- دون استشعار قيمتها ومعرفة الهدف منها؟ فإن كان الأمر يقتصر على مجموعة من الأفعال تؤدى، فما الذي فضلت به أمة الإسلام عن بقية الأمم الكتابية والوثنية وجميعها لديها عاداتها وطقوسها التعبدية؟
فنجيب –بحول الله وقوته- أن الهدف الذي من أجله شرعت جميع تعاليم الإسلام بل ومن أجله خلق الله الكون وسخره لخدمة الإنسان هو تحقيق كلمة التوحيد والإثبات بالأقوال والأفعال أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" واعتقادها بالقلب أولا وأخيرا قال تعالى: (( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)).
فجميع أفعال العبد من عبادات ومعاملات تهدف في أساسها لاثبات أن لا معبود بحق يستحق صرف العبادات له وإرضائه إلا الله -عز وجل- فهو المربي لنا المنعم علينا بوافر النعم الملك الذي له ملك السماوات والأرض وأمْرَي الدنيا والأخرة، وهو القيوم الذي يقوم على تصريف أمورنا بحكمته فيما ينفع، والرزاق الذي يسبغ علينا بوافر نعمه، فإي وربي لا يستحق العبادة أحداً غيره.
ولأنه هو العزيز الحكيم فقد وفقنا لمنهج تستقيم به حياتنا ولأانه الرؤوف الرحيم فقد أرسل إلينا نبياً رسولا يعلمنا هذا المنهج ((هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)) وذلك ((لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل))
وهذا هو الركن الثاني من الشهادة "وأن محمداً رسول الله" ، أي لا منهج يعبد به الله إلا ما أوحاه الله إلى رسوله الكريم بلا زيادة ولا نقص، ولنا هنا وقفة فالرئيس في العمل أو المعلم في صروح العلم يحدد للمرؤوسين أو الطلاب منهج للتعامل وأداء الأشغال ويظل المرؤوس يتحرى الاستفسارعن تفاصيل المنهج ورغبات من وضعه والسير على تلك الأوامر ولو خالفها فعاقبه رئيسه لاستساغ العقوبة ووعد بمحاولة تنفيذ القوانين بشكل أدق ، فإن كان هذا مع القواعد البشرية فما بال حالنا مع الله؟ ولله المثل الأعلى.
وإن كان الله هو الملك الرزاق الحي القيوم -تقدست أسمائه وصفاته- المستحق لصرف العبادة إليه، وإن كان منهجه هو منهج العزيز الحكيم الخبير بنفوس عباده فأنى لنا ألا نقيم هذا المنهج في سائر معاملاتنا وخلال جميع مراحل حياتنا حتى ننعم بالسعادة في الدارين.
ومن هنا نلخص فنقول أن حياة المرء بأسرها إنما هي إعلان الاستسلام لله والقناعة بأنه هو لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأن منهجه هو المنهج الحق أرسله على نبيه الأمين -صلى الله عليه وسلم- ، ويتضح لنا عندئذ أن المرء عليه أن يتوقف قبل كل خطوة يخطوها ليقيس أعماله وفقا لشرطيين أساسيين:
أولاً: إخلاص النية لله :
فتنصرف قلوبنا له ونقف قبل أي قول أو فعل لتصحيح النوايا وإلزام نفوسنا بتنفيذ تلك العبادة له وحده لا لفخر أو تقليد أو إرضاءً لأحد غيره.
ثانياً: الالتزام بالسنة:
فنقرع أبواب العلماء ورثة الأنبياء - ((إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر))- لمعرفة كيفية تنفيذ العبادات والمعاملات على الوجه الذي يرضاه منا الله، يقول الإمام مالك " إن استطعت أن تحك رأسك بأثر(دليل) فافعل"، فنعرف الحق ولا نستسلم بعدها لحديث نفس أو ملامة بشر، وكم أدخل أهل الأهواء علينا بدعاً وانحرافات يبتغون بها نقض عرى الإسلام والقضاء على أهله.
وبعد أن علمت فإن لك دوراً ...
والآن فعليك بالمسارعة بتطبيق شرع الله في جميع أحوالك ودعوة من حولك إلى تطبيقه والاستزادة من العلم الشرعي فيمكننا من صد أعداء الله والعمل سوياً على خلق هذا الجيل الذي يمكن الله له في أرضه ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون))، وألائك هم من قال فيهم ((الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)).
ولنا معكم عودة قريباً -بإذن الله-، فلا تحرمونا من نصائحكم وتوجيهاتكم.