[align=center][align=center]
الرياض - سعود الطياوي الحياة - 18/06/08//
تحققت أمنية صالح النيف (والد ريما) أول من أمس.
إذ التقى بـ «خلود» التي تحمل «كبد» طفلته، لقاءً
كان عنوانه «الدموع»، التي هطلت من عينيه وعيون
كل الموجودين لحظة اللقاء. دموعٌ مزجت الحزن والفرح في آن معاً.
لم يتمالك «والد ريما» نفسه لحظة مشاهدته «خلود»،
لينكب على يديها الصغيرتين مقبّلاً، ليرى في وجهها
الجميل صورة ابنته «ريما» التي توفيت دماغياً فتبرع
بأعضائها للمحتاجين ابتغاء لوجه الله، في لحظة عاطفية
صادقة، ذرف على إثرها الموجودون في المكان من
مسؤولين وأطباء وأقارب دموعاً، لم يستطيعوا منعها.
التقت «الحياة» كل الأطراف، بدءاً من والد ريما (صالح النيف)
بعد مقابلته الطفلة «خلود»، التي عبّر عن سعادته بلقائها، معتبراً أن «جزءاً من أمنيته تحقق بهذا
اللقاء،
الذي رتبه العاملون في المركز السعودي لزراعة الأعضاء».
وأوضح النيف أنه تحدث إلى زوجته عن اللقاء فرحبت به، بيد أنها رفضت الحضور، كونها «غير مستعدة نفسياً»،
إضافة إلى تخوفها من شعورها الداخلي أثناء تلك اللحظات.
وذكر أنه «كان ينتظر لقاء «خلود» بفارغ الصبر»،
إذ خالجته مشاعر عدة، اشتياق وحنين وفرح وحزن، مشيراً إلى أنه تساءل في نفسه قبل لقائها عما إذا كانت ستذكّره بابنته «ريما» أم لا؟
ووصف لحظة اللقاء بقوله: «عيناي تعلقتا بخلود منذ أول نظرة، وانتابني شعور غريب بأنها ريما، وأن عينيها
هما عينا ابنتي، وأن من أنظر إليها هي ابنتي، قبل أن أبدأ بتقبيل يديها وأجهش بالبكاء».
وأوضح أنه لم يبكِ حزناً عندما رأى خلود، بل بكى فرحاً بأن ريما تعيش مرتين فعلاً، خصوصاً بعدما عرف المأساة
التي تعيشها خلود ومعاناتها مع المرض منذ أعوام عدة، مؤكداً أنه منذ إبلاغه بأن خلود عادت إلى حياتها الطبيعية
منذ أن تمت زراعة الكبد لها، أحسّ بشعور جميل جداً، وأن ما أقدم عليه بدأت نتائجه تظهر.
وقال: «لو يحس أفراد المجتمع بما أحسسته، فلن يبقى مريض يحتاج إلى عضو ما منتظراً من يتبرع له»، مشيراً إلى أن من يقدم في سبيل الله فسيعوضه الله خيراً منه.
وداعب النيف الطفلة خلود بعد أن سألها عن اسمها وصحتها، طالباً منها إرسال أول بطاقة من بطاقات عرسها إليه، لكي يحضر حفلة زواجها، في حين وعدت والدة الطفلة خلود والد «ريما» بأنها إن رزقت بطفلة فستسميها «ريما».
قلب الأم دليلها
استذكر النيف موقفاً حصل مع زوجته (أم ياسر) قبل أيام عدة من اللقاء، عندما زارا المركز السعودي لزراعة الأعضاء، يقول: «أثناء سيرنا داخل المركز، استوقفت أم ياسر إحدى الفتيات الصغيرات في المركز، ونظرت إلى عينيها، وقالت لزوجها: «لا أعرف لماذا انتابني شعور بأن هذه الطفلة هي التي تحمل كبد ابنتي ريما». ويضيف:
«سألت أحد المختصين في المركز في ما بعد عن الفتاة التي تحمل كبد ريما، فكشف لي أنها الطفلة خلود»، مؤكداً أن خلود هي الطفلة التي استوقفتها زوجته.
النيف: الصحافة السعودية غائبة
ناشد صالح النيف المجتمع الابتعاد عن الازدواجية في التعامل مع المحتاجين لزراعة أعضاء، موضحاً أنه يجب أن يتبع التنظير عمل صادق يعبّر عن إنسانية كل فرد منا تجاه مجتمعه، محملاً الصحافة السعودية جزءاً من اللائمة، لضعف التوعية التي تقدمها في هذا الجانب، واصفاً إياها بـ «الغائبة».
وأضاف: «كل مريض له الحق في أن يقف أفراد المجتمع معه ويساندوه في محنته ومرضه، والمجتمع يحتاج إلى الوعي والإدراك لتتجلى روحه الإنسانية، خصوصاً أن المجتمع السعودي تحديداً مجتمع محب للخير وتملأه العاطفة الإنسانية».
شقيقة خلود تحتاج إلى كبد أيضاً
أكد والد الطفلة «خلود» لـ «الحياة» أن كبد ريما أنقذت حياة ابنته بعد الله تعالى، إذ إن ابنته عانت من المرض على مدى 15 عاماً هي سنوات عمرها، التي لم تر خلالها سوى الألم والعذاب والمرض، مشيراً إلى أن ابنته كانت تنتظر متبرعاً بالكبد منذ أعوام عدة، إلى أن جاء الفرج أخيراً، وزرعت لها كبد الطفلة «ريما».
وأشار أبوخلود إلى أن حال ابنته كانت حرجة جداً في الفترة الأخيرة، مؤكداً أن شقيقة خلود تعاني المرض نفسه تقريباً، وهي بحاجة ماسة إلى زراعة «كبد»، وبانتظار متبرع ينقذ حياتها ويعيد إليها بسمتها التي تفتقدها منذ أعوام عدة، بعدما تأخرت حالها الصحية بشكل كبير.
وأشار والد الطفلة خلود اليتيم إلى أن هناك مدارس رفضت قبول ابنته بسبب سوء حالها الصحية، خصوصاً أن كل من رآها اعتقد أن عمرها لا يتجاوز الأربعة أعوام، نظراً إلى ضمور جسدها وتردي صحتها، لافتاً إلى أنه عاجز عن التعبير عن سعادته وهو يرى ابنته تتعافى بطريقة مستمرة لتعود إلى الحياة مرة أخرى.
وحاول أبوخلود التعبير عن شكره وامتنانه لوالد ريما، فتلاشت الكلمات التي يستطيع التعبير بها عن إحساسه الحقيقي، مؤكداً أن والد ريما «أب فـــاضل يحمل داخله إحساساً إنــــسانياً قلّما يوجد، مشيراً إلى أنــــه سيظل يدعـــو له ولابنته مدى الحياة.
السبيل: خلود تتعافى بسرعة
أكد رئيس قسم زراعة وجراحة الكبد رئيس البرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالأعضاء الدكتور محمد السبيل لـ «الحياة» أن خلود التي تحمل كبد الطفلة «ريما» حالياً، كانت تعاني من مرض اسمه تخزين السكريات المركبة في الكبد، ما أدى إلى تلف كبدها.
وأشار الدكتور السبيل إلى أن خلود وضعت على لائحة الانتظار منذ 2003، وأجريت لخلود جراحة زراعة الكبد في رمضان الماضي، بعدما تم الحصول على كبد طفلة في الثامنة من عمرها، متوفاة دماغياً (ريما)، فكانت السبب في إنقاذها بعد الله تعالى.
وذكر أنه بعد الجراحة، أصبحت خلود بصحة جيدة، وتعافت ولله الحمد بسرعة، وهي حالياً تتابع في قسم الزراعة الكبد، مشيراً إلى أن شقيقة خلود الصغرى أيضاً تعاني من المرض نفسه، وهي على لائحة الانتظار للزراعة.
وأوضح السبيل إلى أن عوارض هذا المرض تنتج عن تضخم الكبد مع احتمال تكون أورام حميدة في الكبد، لافتاً إلى أنه مع مرور الوقت تتحول هذه الأورام إلى أورام سرطانية، كما تؤدي إلى تأخر النمو للإنسان المصاب.
وأشار إلى أن الأعراض الناتجة من هذا الخلل تتضح عن طريق أعراض التعب المستمر، وعدم التركيز، والهبوط الحاد في نسبة السكر بالدم، مؤكداً عدم وجود علاج شاف إلا بزراعة كبد سليم.
وحدد الدكتور السبيل أسباب المرض بخلل وراثي في الجينات المسؤولة عن هضم السكريات، ليس له أية وقاية أو تطعيم.
«خلود» في رسالتها لوالدي ريما: سأظل أدعو لكم ما دام قلبي «ينبض»
أهدت عائلة خلود درعاً تكريمياً لوالد ريما صالح النيف تعبيراً عن شكرها وامتنانها له، وكتبت خلود رسالة على الدرع لوالدي ريما هذا نصها: «هذه رسالتي إليكم لن يحملها سعاة بريد ولن يوصلها إليكم الرسل المنتشرون بين السماء والأرض.
هذه رسالتي إليكم مباشرة بلا وسطاء، أقدم من خلالها لكم شكري وامتناني، فأنتم من أعاد إلي الأمل في الحياة ورسم البسمة على وجهي بعد الله، بعدما أهديتموني ودون مقابل ومن دون سابق معرفة عضواً من أعضاء فلذة قلبكم، ولتعلموا دائماً أني سأظل أدعو لكم ولريما ما دام قلبي ينبض، فأنا الآن أمامكم وأعيش بكبد ابنتكم الذي أعاد إلي الحياة والبهجة. فشكراً لك أيتها الأم وشكراً لك أيها الأب.
شكراً لكم لأنكما أنقذتما حياتي، وأنهيتما رحلتي المريرة مع الألم والمعاناة، جعلها الله في موازين أعمالكم وتقبل الله ابنتكم بالمغفرة والرحمة واسكنها فسيح جناته».[/align][/align]