الصلاة ركن من أركان الإسلام من أقامها فقد أقام الدين و من تركها فقد هدم الدين و هي أول ما يحاسب عليه
المرء يوم القيامة ، فإن صلحت صلح سائر عمله و إن فسدت فسد سائر عمله و ذلك مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت صلح سائر عمله و إن فسدت فسد سائر عمله " - رواه الطبراني .و لقد حض الله تبارك و تعالى على الصلاة في أكثر من موضوع بالقرآن الكريم ، فيقول عز و جل "و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و إركعوا مع الراكعين" – 43 البقرة ، و يقول تبارك و تعالى "و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير" – 110 البقرة و يقول جل علاه "حافظوا على الصلاة و الصلوات الوسطى و قوموا لله قانتين" – 238 البقرة ، و يقول سبحانه و تعالى " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا" – 103 النساء ، و قال جل شأنه "و أقم الصلاة لذكري" – 14 طه .
و لقد أكد الرسول محمد صلى الله عليه و سلم على أن الصلاة في وقتها من أفضل الأعمال التي يحبها الله و رسوله .. فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أي الأعمال أفضل ؟ قال صلى الله عليه و سلم : "الصلاة على وقتها " ، قلت ثم أي ؟ قال عليه الصلاة و السلام : "الجهاد في سبيل الله" متفق عليه .
و لعظيم شأن الصلاة في الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر أن من شهد بأن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله و أقام الصلاة و آتى الزكاة أصبح في مأمن من أن يقاتله الرسول ، و يبقى حسابه على الله تبارك و تعالى ، فعن إبن عمر رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله و أن يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحق الإسلام ، و حسابهم على الله " - متفق عليه .. و معنى هذا أن تارك الصلاة يعد في عداء مع الله و رسوله لأنه يصبح من الكافرين ، فعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " رواه أحمد و مسلم و أبو داود و الترمذي و إبن ماجة ، و عن بريدة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد و أصحاب السنن و قال الترمذي حديث حسن صحيح . و عن عبدالله بن شقيق العقيلي رحمه الله قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح و الحاكم على شرط الشيخين . و عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال : من حافظ عليها كانت له نورا و برهانا و نجاة يوم القيامة ، و من لم يحافظ عليها لم تكن له نورا و لا برهانا و لا نجاة و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبي بن خلف " رواه أحمد و الطبراني و إبن حبان و إسناده جيد ، و في هذا ذكر الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة قول إبن القيم في تفسيره لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : "تارك الصلاة يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبي بن خلف " أن تارك الصلاة إما أن يكون ذلك بسبب إنشغاله بماله و ملكه أو رياسته أو تجارته ، فمن شغله عنها رياسته فهو مع قارون ، و من شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ، و من شغله عنها رياسته و وزرائه فهو مع هامان ، و من شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف . و عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "عرى الإسلام و قواعد الدين ثلاثة ، عليهن أسس الإسلام (أي تأسس الإسلام و أقيم) من ترك واحدة منهم فهو كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، و الصلاة المكتوبة ، و صوم رمضان " رواه أبو يعلي بإسناد حسن ، و في رواية أخرى "من ترك منهن واحدة ، فهو بالله كافر و لا يقبل منه صرف و لا عدل (أي لا يقبل منه فرض و لا تفل) و قد حل دمه " .
و الصلاة فرض واجب على كل مسلم عاقل بالغ و ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي محمد صلى الله عليه و سلم قال : "رفع القلم عن ثلاث (كناية عن عدم التكليف) ، عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم (أي يبلغ) و عن المجنون حتى يعقل " رواه أحمد و أصحاب السنن و الحاكم و قال : صحيح على شرط الشيخين و حسنه الترمذي . و ليس معنى أن الصلاة فرض واجب على كل مسلم عاقل بالغ ألا يؤديها الصبي الذي لم يبلغ .. بل يجب على ولي أمره أن يأمره بها إذا بلغ سن سبع سنين و أن يضربه على تركها إذا بلغ عشرا و ذلك حتى يتمرن عليها و يتعود عليها و يعتادها بعد البلوغ ، فعن عمرو بن شبيب عن أبيه عن جده قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "مروا أولادكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا و اضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا ، و فرقوا بينهم في المضاجع " رواه أحمد و أبو داود و الحاكم و قال : صحيح على شرط مسلم .
و الصلاة لا بد و أن تكون لها كيفية و ليست مجرد حركات يؤدي ، فعن أبي هريرة قال : دخل رجل المسجد فصلى ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، يسلم ، فرد عليه النبي السلام ، و قال له : "إرجع فصل فإنك لم تصل" فرجع ، فكرر ذلك ثلاث مرات ، قال أبي هريرة : فقال الرجل للنبي صلى الله عليه و سلم : و الذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم إقرأ ما تيسر من القرآن ، ثم إركع حتى تطمئن راكعا ثم إرفع حتى تعتدل قائما ، ثم إسجد حتى تطمئن ساجدا ثم إفعل ذلك في صلاتك كلها " رواه أحمد و البخاري و مسلم . اللهم إننا ندعوك بدعاء نبيك و خليلك إبراهيم الذي إبتهل إليك به "رب إجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ربنا و تقبل دعاء * ربنا إغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب" 40 – 41 إبراهيم . و ندعوك اللهم أن تتقبل صلاتنا و صيامنا و قيامنا و ركوعنا و سجودنا خالصة لوجهك الكريم و صلى الله على النبي محمد الرحمة المهداة و النعمة المسداة و السراج المنير و على أهله و أزواجه و ذريته و سلم تسليما كثيرا
_________________________________________________