عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2009, 11:20 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
شيخ نفسه
 
إحصائية العضو






شيخ نفسه غير متواجد حالياً

معلومات إضافية
الدولة  Saudi Arabia
مزاجي

الجنس  male_saudi_arabia
 
SMS منتديات لك عيوني ابداع وتميز

 

 

 

 

 

 

افتراضي مصافحه مع تاريخ الكويت للكاتب عايد الجريد


 

حبيت مشارك بموضوع عن تاريخ الكوت للكاتب عايد الجربد



بقلم: عايد الجريد

بعد أن أخذنا رأي* ‬المشايخ والمفكرين في* ‬الحلقات السابقة عن الادعاءات العراقية والأطماع،* ‬نأخذ بعض آراء المؤرخين الذين تحدثوا عن هذه الادعاءات العراقية،* ‬ومن الذين تحدثوا عن هذه الادعاءات د.رأفت* ‬غنيمي* ‬الشيخ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الذي* ‬يرى من خلال كتابه* »‬حق العراق التاريخي* ‬في* ‬الكويت*« ‬دعوى شيطانية حيث قال*: ‬ان فكرة الحق التاريخي* ‬للعراق في* ‬الكويت لا أساس لها وانما ساقها صدام حسين لتبرير اجتياح قواته لأراضي* ‬الكويت وتشريد أهلها كلاجئين في* ‬الأقطار العربية وغير العربية*.‬
مبيناً* ‬ذلك بدليل قال فيه*: ‬ان شيخ الكويت لم* ‬يكن خاضعاً* ‬خضوعاً* ‬كاملاً* ‬للدولة العثمانية،* ‬رغم اعترافه عام* ‬1829م بالسيادة العثمانية ورفع العلم العثماني* ‬على داره بالكويت*.. ‬ولا* ‬يعني* ‬الاعتراف بالسيادة العثمانية من جانب شيخ الكويت الارتباط بالعراق الخاضع للدولة العثمانية كولاية من ولاياتها*.‬
ويؤكد د.رأفت* ‬غنيمي* ‬الشيخ حديثه بدليل آخر فيقول*: ‬لعلنا نتذكر أن قوات محمد علي* ‬والي* ‬مصر العثماني* ‬امتد نشاطها الى الاحساء بعد عام* ‬1819م،* ‬وتعامل مبعوث هذا الوالي* ‬مع شيخ البحرين ومع الشيخ جابر حاكم الكويت تعاملاً* ‬تعاونياً* ‬دون أن* ‬يكون لمصر قوات عسكرية في* ‬البحرين أو الكويت*.‬
ويضيف د.رأفت* ‬غنيمي* ‬تمثل تعاون الشيخ جابر الصباح مع مبعوث محمد علي* ‬الى الكويت فاستطاع أن* ‬يرسل من هناك عدة سفن محملة بالأغذية وخاصة الشعير،* ‬كما استطاع أن* ‬يجمع معلومات عن الكويت والجنوب العراقي* ‬المطل على الخليج،* ‬وقد استطاع هذا المبعوث أيضاً* ‬أن* ‬يحصل على تقدير حاكم الكويت حتى أنه كان* ‬يأخذ مكان الصدارة في* ‬مجلس الحاكم،* ‬ونتج عن هذا التعاون بين الشيخ جابر الصباح ومبعوث محمد علي* ‬استخدام محمد علي* ‬في* ‬الاحساء سفن الأسطول الكويتي* ‬الكبير المجهز تجهيزاً* ‬جيداً* ‬في* ‬نقل شحنة من الأسلحة والعتاد العسكرية من ميناء الحديدة باليمن الى ميناء القطيف بالاحساء في* ‬شهر نوفمبر عام* ‬1839م*.‬
ويضيف د.رأفت* ‬غنيمي* ‬الشيخ*: ‬استاءت حكومة الهند البريطانية من استقبال الشيخ جابر الصباح للمبعوث المصري* ‬بالكويت استقبالاً* ‬طيباً* ‬منذ عام* ‬1838م،* ‬مما فسره البريطانيون كتبدل لموقف الشيخ جابر الذي* ‬لم* ‬يستقبل الملازم* »‬أدمونز*« ‬مساعد المقيم العام البريطاني* ‬في* ‬الخليج الاستقبال الودي* ‬المعهود،* ‬عندما وصل الى الكويت في* ‬نوفمبر عام* ‬1839م،* ‬ونظراً* ‬لأن البريطانيين لم* ‬يشاؤوا توجيه انذار للشيخ جابر،* ‬على* ‬غرار الانذارات البريطانية لحاكم الشارقة وحاكم البحرين اللذين تعاونا مع قوات محمد علي،* ‬فقد التمسوا للشيخ جابر الصباح العذر بأن مسلكه مع الملازم»أدمونز*« ‬لم* ‬يكن صادراً* ‬عن نوايا سيئة نحو البريطانيين،* ‬لكنه كان* ‬يهدف الى خداع الوكيل المصري* - ‬مبعوث محمد علي* - ‬عن حقيقة العلاقة القائمة بينهما،* ‬أي* ‬بين الشيخ جابر وبين السلطات البريطانية،* ‬وهو تبرير فيه خداع النفس وقبول الأمر الواقع من جانب البريطانيين أكثر مما في* ‬الحقيقة التي* ‬عرفها مساعد المقيم العام البريطاني* »‬أدمونز*«.‬
فيضيف د.رأفت* ‬غنيمي* ‬أنه عندما انسحبت قوات محمد علي* ‬والي* ‬مصر ليس فقط من منطقة الخليج بل من كل شبه الجزيرة العربية بعد أزمة عام* ‬1840م،* ‬استعانت الدولة العثمانية في* ‬عام* ‬1845م بالشيخ جابر الصباح لحماية ميناء البصرة بأسطول الكويت القوي*.‬
فهنا* ‬يتبين لنا أن الأسطول الكويتي* ‬الكبير استعانت به الدولة العثمانية لحماية ميناء البصرة،* ‬وهذه الحماية جاءت بطلب ولم تكن بأوامر من الدولة العثمانية،* ‬فلو كانت أوامر لا تضح ان الكويت تابعة وانما جاءت باستعانة من الشيخ جابر الصباح وهنا* ‬يتبين أن ليس للدولة العثمانية وولايتها في* ‬العراق سلطةً* ‬على الكويت*.‬
فيبين لنا د.رأفت* ‬غنيمي* ‬دليلاً* ‬آخر أن الكويت لم تكن تابعة للعراق فيقول*: ‬حاول والي* ‬بغداد العثماني* ‬محمود نامق باشا الذي* ‬تولى اليشوية في* ‬الفترة من عام* ‬1866م الى عام* ‬1869م مد النفوذ العثماني* ‬الى الكويت عن طريق انشاء جمرك وادخال نظم الادارة العثمانية،* ‬واسناد منصب القائمقامية الى أمير الكويت،* ‬ولكن هذه المحاولة لم* ‬يكتب لها الاستمرار حيث رأى شيخ الكويت في* ‬ذلك قضاء على مكانة الكويت لحساب البصرة،* ‬واستمر ميناء الكويت* ‬يباشر دوره الاقتصادي* ‬المتميز بالمنطقة*.‬
ومن خلال ما أكده د.رأفت* ‬غنيمي* ‬الشيخ بأن دعوة العراق دعوة شيطانية،* ‬مستنداً* ‬على أدلة تاريخية أثبت أن الكويت لم تكن تابعه للعراق بل على العكس كانت الكويت تلعب دوراً* ‬مهماً* ‬في* ‬الجزيرة العربية من خلال موقفها مع قوات محمد علي* ‬التي* ‬كانت على خلاف مع الدولة العثمانية،* ‬وهناك رأي* ‬للدكتور جمال زكريا قاسم* ‬يؤكد ويعضد ما قاله د.رأفت* ‬غنيمي* ‬الشيخ وأيضاً* ‬يؤكد هذا الخلاف بين الدولة العثمانية ومحمد علي* ‬فيقول د.جمال زكريا قاسم*: ‬أن العلاقة التي* ‬أقامتها الكويت مع القوات المصرية التي* ‬وصلت الى الخليج في* ‬عهد محمد علي،* ‬مما* ‬يدل هذا الموقف التي* ‬وقفها الشيخ كانت متناقضة تماماً* ‬للسياسات والمصالح العثمانية حيث كانت العلاقات قد تأزمت في* ‬ذلك الوقت بين الدولة العثمانية ومحمد علي* ‬الذي* ‬كانت قواته قاب قوسين أو أدنى من دخول الأستانة عاصمة الدولة العثمانية*.‬
ويضيف د.جمال زكريا قاسم دليلاً* ‬آخر وقاطعاً* ‬فيقول*: ‬الا أننا نريد أن نؤكد مع ذلك أنه لم* ‬يثبت تاريخياً* ‬أن الكويت كانت تدفع بانتظام زكاة للدولة العثمانية،* ‬وعلى العكس من ذلك كان حكام الكويت هم الذين* ‬يتلقون مكافآت سنوية من الدولة مقابل حمايتهم لشط العرب دون التزام بتلك الحماية،* ‬أما عن قبول بعض حكام الكويت للقب القائمقام فينبغي* ‬أن نؤكد أن هذا اللقب كان* ‬يمنح بموجب فرمان من السلطان العثماني* ‬ولم* ‬يكن* ‬يمنح من ولاة الدولة في* ‬بغداد أو البصرة،* ‬كما كان القبول بهذا اللقب قبولاً* ‬شكلياً،* ‬يؤكد ذلك أنه لم* ‬يكن أي* ‬من أولئك الحكام حريصاً* ‬على استخدامه،* ‬فالشيخ مبارك رغم قبوله لهذا اللقب،* ‬تماشياً* ‬مع التوازنات الدولية والمحلية،* ‬فانه لم* ‬يستخدمه في* ‬مكاتباته الرسمية بما فيها المكاتبات التي* ‬كانت* ‬يبعث بها الى السلطات العثمانية والتي* ‬كان حريصاً* ‬فيها على تلقيب نفسه بحاكم الكويت ورئيس قبائلها*.‬
فما ذكره د.جمال زكريا عن قبول بعض حكام الكويت قائمقام أن هذا القبول أيضاً* ‬جاء لمكانة الدولة العثمانية التي* ‬أخذت مكانة الدولة الاسلامية وهذا ما* ‬يؤكده لنا د.جمال زكريا في* ‬الأسباب التي* ‬جعلت السفن الكويتية تستخدم الرايات العثمانية*. ‬
ويضيف د.جمال زكريا قاسم ويؤكد انعدام مظاهر السيادة العثمانية على الكويت بدليل اخر فيقول*: ‬القضاء العثماني* ‬وهو مظهر أساسي* ‬من مظاهر السيادة لم* ‬يكن مطبقاً* ‬في* ‬الكويت،* ‬اذ كان للكويت قضاؤها الخاص بها،* ‬كما أن الكويت لم تلتزم بالعملة العثمانية،* ‬وهي* ‬مظهر آخر من مظاهر السيادة،* ‬اذ أن النشاط التجاري* ‬للكويت أقتضى تمتعها بحرية التعامل بمختلف العملات المتداولة في* ‬منطقة الخليج سواء كانت عملات أوروبية أو هندية أو فارسية أو عثمانية دون التزامها بعملة بذاتها*.‬
فالدكتور جمال زكريا قاسم* ‬يبين لنا أيضاً* ‬العوامل التي* ‬جعلت السفن الكويتية في* ‬بعض الأوقات تستخدم الراية العثمانية،* ‬مؤكداً* ‬أن استخدام السفن الكويتية للراية العثمانية لا* ‬يمثل دليلاً* ‬على تبعية الكويت للدولة العثمانية،* ‬وانما استدعت المصالح الأمنية والاقتصادية استخدام السفن الكويتية لتلك الراية ويرجع ذلك الى عاملين رئيسيين*:‬
أولهما*: ‬أن استخدام الراية العثمانية لم* ‬يتم من خلال ترتيب خاص بين الكويت والدولة العثمانية،* ‬وانما تم من خلال بادرة كويتية،* ‬كانت تستهدف ضمان أمن السفن الكويتية في* ‬عرض البحر بحكم أن القوى الكبرى التي* ‬دخلت الخليج وعلى رأسها بريطانيا لم تكن تعترف بالرايات المحلية للقوى العربية التي* ‬لم تنضم الى معاهدة الصلح الحربي* ‬ولم تكن الكويت قد انضمت الى تلك المعاهدة الا لفترة مؤقتة لم تستمر أكثر من عام واحد*.‬
العامل الثاني*: ‬ان رفع الراية لم* ‬يكن سوى مظهر من مظاهر الاحترام الديني* ‬لدولة الخلافة الاسلامية،* ‬يدل على ذلك أنه على الرغم من الخلافات التي* ‬نشبت بين الشيخ مبارك وبين السلطات العثمانية فقد ظل حريصاً* ‬على استخدام هذه الراية بل أنه رفض طلب الحكومة البريطانية استبدالها براية أخرى،* ‬وكانت وجهة نظره أنه* ‬يرفع هذه الراية باعتباره مسلماً* ‬وليس باعتباره من رعايا الدولة العثماني،* ‬وعلى الرغم من أنه وقف الى جانب بريطانيا ضد الدولة العثمانية في* ‬الحرب العالمية الأولى فقد ظل* ‬يستخدم الراية الاسلامية ولم* ‬يعدل عن موقفه الا بعد أن تعرضت احدى السفن الكويتية لقذائف السفن الحربية البريطانية باعتبارها خطأ من السفن المعادية*.‬
ويؤكد ما قاله د.جمال زكريا قاسم لرفع العلم،* ‬د.سليمان الشطي* ‬فيقول*: ‬أنه حتى في* ‬رفع العلم العثماني* ‬كانت هناك في* ‬مرحلة اشارة الى اسم الكويت في* ‬زاوية العلم،* ‬مما* ‬يدل على أن هناك تحرزاً* ‬في* ‬هذه القضية*.‬
فالدكتور الحبيب الجنحاني* ‬كان له رأي* ‬في* ‬هذه الادعاءات فيما* ‬يخص الخلافة العثمانية التي* ‬لم* ‬يكن لها وريث فيقول*: ‬يعني* ‬الاعتماد على ما زعم وأدعى من أن الكويت كانت لها نوع من التبعية تجاه محافظة البصرة أو الوالي* ‬العثماني،* ‬سواء كان بالبصرة أو بغداد،* ‬وهذا أمر* ‬غريب ومنطق لا* ‬يخضع للنقد التاريخي،* ‬لأنه حتى اذا كانت هذه التبعية فعلاً* ‬ثابتة وموجودة فما علاقة العراق،* ‬هل هي* ‬الوريث الذي* ‬قدم نفسه وريثاً* ‬شرعياً* ‬للخلافة العثمانية؟ هذا تاريخاً* ‬يستلزم النقد التاريخي،* ‬حتى وان سلمنا جدلاً* ‬بأن هذه العلاقة كانت علاقة تبعية فما علاقة العراق بذلك؟
فتقول الدكتورة فتوح الخترش ان الكويت لم تشهد ما شهدته الولايات العثمانية من ايفاد* »‬حاكم* « ‬أو* »‬والي*« ‬من قبل الدولة العثمانية* ‬يتولى أمورها،* ‬ولا عرفت* »‬الأنكشارية*« ‬أو مماليك* ‬يشاركونه السلطة ويخضعون للأستانة،* ‬وانما كان شيخ الكويت دائما من صلب أبنائها،* ‬ولم* ‬يكن هناك أي* ‬مسؤول عثماني* ‬يزاحمه في* ‬نفوذ أو* ‬يشاركه السلطة أو* ‬يملي* ‬عليه سياسته*. ‬وعلى امتداد تاريخ الكويت الحديث،* ‬كان شيوخها* ‬يدخلون في* ‬عهود ومواثيق مع الدول الأخرى،* ‬ويقدمون تعهدات ويلتزمون بمواقف،* ‬متطلعين في* ‬كل ذلك لما* ‬يرونه محققا لمصالحهم ومؤكدا لهويتهم الخاصة،* ‬ومحققا لاستقلالهم،* ‬ودعما لأركان دولتهم،* ‬وان حدث اللقاء أو التطابق بين الموقف الكويتي،* ‬وما تسعى اليه دولة الخلافة،* ‬فكل الحقائق تقطع بأنها كانت حالات لقاء* »‬للمصالح*«‬،* ‬وليس لقاء* »‬التبعية*«‬،* ‬وأما الحديث عن دفع الزكاة،* ‬أو وصف شيخ الكويت،* ‬بـ»القائم مقام*« ‬الذي* ‬يمثل سلطة الخليفة،* ‬فانما* ‬يندرج كل ذلك في* ‬اطار الممارسة السياسية الممكنة في* ‬ظل موازين القوى القائمة،* ‬والرباط الروحي* ‬بدولة الخلافة،* ‬وهو ربط مجرد من أي* ‬محتوى سياسي،* ‬وفي* ‬اطار الصراعات والتوازنات الدولية التي* ‬تحتم على الكويت أن تشق طريقها من خلالها متمسكة لهويتها الخاصة،* ‬ومحافظة على استقلالها*.‬
فتقول ولنبدأ هذه الصراعات منذ تولي* ‬أل الصباح مشيخة الكويت في* ‬عام* ‬1752م،* ‬في* ‬ذلك الوقت كان الصراع قد حسم لصالح بريطانيا التي* ‬احتلت مركز الصدارة في* ‬تجارة الخليج،* ‬وراحت تسعى لاحتكارها*. ‬وشهدت هذه الفترة تفاقم النزاع بين شاه فارس كريم خان وباشا بغداد،* ‬واندلعت الحرب بينهما،* ‬فتمكن كريم خان من الاستيلاء على البصرة عام* ‬1775م فتحولت تجارة الهند والبصرة الى الكويت*.‬
وكان هذا التطور ارهاصا* ‬يكشف عما تمثله الكويت من بديل ومنافس تجاري* ‬خطير للبصرة خاصة وقد جعلت منها شركة الهند الشرقية البريطانية الطرف الجنوبي* ‬لطريق بريدها الصحراوي* ‬المتجه الى حلب*.‬
وفي* ‬عام* ‬1793م تفجرت اضطرابات عنيفة في* ‬البصرة اضطر المقيم البريطاني* ‬ازاءها على نقل مركز قيادته الى الكويت،* ‬ولمدة عامين تقريبا،* ‬وتشير الدلائل الى التقدم الايجابي* ‬الواضح للعلاقات البريطانية* - ‬الكويتية في* ‬تلك المرحلة والى العلاقة الوثيقة التي* ‬قامت بين ثاني* ‬حكام الكويت الشيخ عبد الله الصباح والجانب البريطاني* ‬الذي* ‬كان* ‬يكن له احتراما كبيراً* ‬كرجل* »‬يحافظ على كلمته* «.‬
ومرة أخرى،* ‬ونتيجة لتجدد الاضطرابات المحلية في* ‬البصرة نقلت شركة الهند الشرقية البريطانية مكاتبها على الكويت في* ‬الفترة مابين* ‬15* ‬من ديسمبر سنة* ‬1821م الى* ‬19* ‬من أبريل سنة* ‬1822م،* ‬ثم وقع شيخ الكويت معاهدة الهدنة البحرية مؤقتا مع بريطانيا في* ‬عام* ‬1841م*- ‬ودون استئذان الباب العالي* - ‬وقد تم هذا بالمصادفة وليس بالقصد،* ‬فعندما زار هينيل* - ‬مساعد المقيم في* ‬الخليج العربي* - ‬الكويت في* ‬شهر أبريل سنة* ‬1841م،* ‬بايعاز من السلطات البريطانية للتأكد مما اذا كانت تصلح لاتخاذها قاعدة،* ‬محاولا اخفاء القصد الحقيقي* ‬من مهمته حين قال*: ‬انه جاء للبحث في* ‬احتمال انضمام الكويت الى نظام الهدنة* .‬
ونتيجة للمطامع الروسية والألمانية الزاحفة التي* ‬تجسدت بكل جلاء منذ أواخر القرن التاسع عشر أخذت بريطانيا تمارس سياسة أكثر ايجابية ازاء الكويت،* ‬وكانت الظروف مهيأة لذلك تماما عندما تولى الشيخ مبارك الصباح الامارة في* ‬مايو* ‬1896م،* ‬فالشيخ الجديد كان* ‬يواجه مصاعب جمة من منافسيه المحليين من أجل توطيد سلطته،* ‬لذلك لجأ الى بريطانيا طالبا حمايته في* ‬سبتمبر* ‬1897م،* ‬ولكن المقيم البريطاني* ‬بالخليج أرسل اليه مبعوثا* ‬ينصحه بالبقاء على ولائه للباب العالي،* ‬اذ ان الصراعات الدولية الممتدة على الساحة العالمية،* ‬وعلى الساحة الخليجية كانت تملي* ‬على بريطانيا أن تواصل سياسة الابقاء على* »‬رجل أوروبا المريض* «-‬الدولة العثمانية* - ‬خشية أن تقع الغنيمة في* ‬أيدي* ‬القوى الأخرى المنافسة،* ‬وأملا في* ‬أن تظل هذه الدولة،* ‬رغم ترنحها،* ‬سدا في* ‬وجه مطامع الدول الأوروبية الأخرى*.‬
وشهدت هذه الحقبة محاولات متكررة من جانب الشيخ مبارك للدخول تحت الحماية البريطانية،* ‬وعزوف بريطانيا عن الاستجابة مادامت مصالحها آمنة بشكل أو بآخر* . ‬مع العلم أن المقيم البريطاني* ‬السياسي* ‬في* ‬الخليج الكابتن ميد،* ‬كان من أشد المؤيدين للشيخ مبارك،* ‬لأنه كان* ‬يفكر في* ‬احتمال اقامة علاقات أوثق بين الكويت وبريطانيا،* ‬ولم تكن هذه الاحتمالات في* ‬رأيه تمثل عقبة لا* ‬يمكن تخطيها من أجل توسيع هذه العلاقات،* ‬لأن الأتراك لم* ‬يمارسوا أبدا حقوقا للسيادة في* ‬الكويت،* ‬ولا الحكومة البريطانية اعترفت بفرض حماية الأتراك على الكويت*. ‬وعلى هذا الأساس طلب من حكومة الهند* - ‬وهي* ‬الجهة التي* ‬ترسم السياسة البريطانية آنذاك* - ‬السماح له بمواصلة المفاوضات* .‬
وفي* ‬الوقت نفسه الذي* ‬كانت وزارة الخارجية البريطانية في* ‬لندن تتلقى فيه هذا الطلب بعث* »‬ميد*« ‬رسالة الى حكومة الهند* ‬يحدد فيها رأيه،* ‬فيها* : »‬أن الشيخ مبارك حاول أن* ‬يحصل على اعتراف تركيا ولكن* ‬يبدو أنه لم* ‬ينجح تماما ونظرا لأنه لم* ‬يحصل حتى الآن على اعتراف رسمي* ‬من الباب العالي* (‬لأن والي* ‬البصرة لا* ‬يمثل الحكومة التركية ككل* ) ‬لذلك تصبح له كل الحرية في* ‬أن* ‬يتعامل مع كل الدول الأخرى* .‬ومن المؤكد أنه لن* ‬يكون هناك أي* ‬اعتراض على مد نفوذنا على النحو الذي* ‬لابد أن* ‬يثبت فائدته سواء بالنسبة لنا أو لتقدم الحضارة*«‬،* ‬فقد رفضت وزارة الخارجية التماس المقيم*.‬
وعلى الرغم من تعدد المذكرات البريطانية بصدد موضوع طلب الحماية*- ‬وكلها تشير الى ضعف الروابط التي* ‬تصل بين الكويت والدولة العثمانية،* ‬وبالتالي* ‬تبرر لبريطانيا قبول الحماية دون أن* ‬يكون في* ‬ذلك مساس بمبدأ المحافظة على سلامة الدولة العثمانية*- ‬فان السلطات البريطانية في* ‬لندن لم تكن راغبة في* ‬التدخل في* ‬الخليج العربي* ‬وخاصة في* ‬الكويت بأكثر مما* ‬يلزم المحافظة على الأمن العام*.‬
ولكن الأوضاع تمخضت من حدثين جديدين،* ‬غيرا السياسة البريطانية تغييرا جذريا*.‬
أما الحدث الأول فهو نجاح ألمانيا،* ‬في* ‬نوفمبر* ‬1898م،* ‬في* ‬عقد اتفاق تمهيدي* ‬مع الحكومة العثمانية لمد خط سكة حديد برلين*/ ‬بغداد،* ‬وفي* ‬الوقت نفسه راجت الشائعات عن وجود المشروع الروسي* ‬الذي* ‬يتزعمه كاببنست للحصول على امتياز لمد خط سكة حديد من أسكندرونة على البحر المتوسط الى الخليج،* ‬وفي* ‬جميع الأحوال كانت للكويت أهمية عظمى بالنسبة لتلك المشروعات* .‬
أما الحدث الثاني* ‬فهو تعيين اللورد كيرزن نائبا للملك في* ‬الهند وكان كيرزن معنيا بأمر الكويت حتى قبل وصوله الى الهند*.‬
وكان المقيم في* ‬الخليج قد بعث برسالة خاصة* ‬يشير فيها* » ‬الى أن المحاولات الألمانية والروسية في* ‬الكويت محتملة جدا*«‬،* ‬ثم أضاف* : »‬أنه لا* ‬يمكن القيام بأي* ‬شيء لمساعدة الشيخ مبارك ما لم* ‬يستقر في* ‬ذهننا أننا سنقوم بحمايته* « ‬وفي* ‬شهر نوفمبر* ‬1898م،* ‬وبعد تعيين اللورد كيرزن وقبل أن* ‬يباشر مهام منصبه أعد مذكرة تفصيلية عن الموقف الحرج،* ‬شرح فيها وجهة نظره بخصوص رفض الوجود الروسي* ‬في* ‬منطقة الخليج،* ‬ونتيجة لتسارع الأحداث في* ‬المنطقة وجدت بريطانيا نفسها منساقة لفتح باب للتفاوض مع الشيخ مبارك،* ‬ووقعت المعاهدة السرية بين الطرفين في* ‬يناير* ‬1899م،* ‬تلك المعاهدة التي* ‬جاءت تجسيدا لفوز بريطانيا بهذه الجولة من جولات الصراع الدولي* ‬في* ‬الخليج*.‬
ففي* ‬شهر ديسمبر* ‬1901* ‬م وصلت السفينة الحربية* »‬زحاف*« ‬الى الكويت* - ‬على ظهرها نقيب البصرة* - ‬حاملة انذارا لشيخها تخيره فيه بين أمرين لا ثالث لهما* : ‬اما أن* ‬يتوجه الى العاصمة ليحيا حياة طيبة كعضو في* ‬مجلس الدولة،* ‬أو أن* ‬يطرد من الكويت*. ‬وأعطي* ‬مهلة ثلاثة أيام للرد*.‬
وطلب الشيخ الى من قائد القوة البحرية البريطانية*- ‬وكانت السفينة بيجون ترسو في* ‬مياه الكويت في* ‬ذلك الوقت*- ‬أن* ‬يهدد بقصف الكويت بالنيران اذا اذعنت الكويت لما قدم اليها من مطالب،* ‬وأعلن أنه لن* ‬يطمئن الا اذا أحس أنه لا* ‬يتحمل مسؤولية الرفض وحده*. ‬واستجابت السلطات المعنية في* ‬بريطانيا على الفور*: ‬بأن وجهت النصح للشيخ مبارك التزحزح من الكويت،* ‬على أن تتقدم السفارة البريطانية في* ‬الأستانة في* ‬الوقت نفسه باحتجاج شديد اللهجة* ‬يبلغ* ‬فيه الباب العالي* ‬أنه اذا أصر على اثارة هذه القضية فسوف* »‬نضطر الى تسوية أقل ملائمة لمصالحهم*« ‬وبينما وزير الخارجية التركي* ‬يدعي* ‬جهله التام بما أقدم عليه نقيب البصرة،* ‬كان هذا المسؤول نفسه* ‬يلتقي* ‬بالشيخ مبارك وقائدي* ‬السفينتين بيجون وسفينكس التي* ‬وصلتا بدورهما الى مياه الكويت،* ‬وأبلغ* ‬الشيخ مبارك النقيب أن الانكليز سيطلقون النار اذا استسلم للمطالب،* ‬وأكد القائدان هذا القول*.‬
ورحلت* »‬زحاف*« ‬عائدة من حيث أتت،* ‬ولكن ظل قائد القوة البحرية البريطانية على* ‬يقين بأن الأتراك سيهاجمون الكويت لا محالة* . ‬وبالفعل تواترت الشائعات حول هجوم تركي* ‬وشيك قد تتعرض له الكويت.هناك قامت القوات البريطانية في* ‬الخليج بالتأهب للدفاع عن الكويت،* ‬وقامت السفن الحربية البريطانية بمطاردة السفن التركية التي* ‬حملت القوات الموجهة لغزو الكويت*. ‬وفي* ‬الوقت نفسه،* ‬بينما كان الموقف* ‬يتأزم بين الكويت والسلطات العثمانية في* ‬البصرة،* ‬كانت هناك اتصالات جارية بين الدولة العثمانية والحكومة البريطانية حول المحافظة على* »‬الوضع القائم*«‬،* ‬وعلى درجة ومدى الاستقلال الذي* ‬يمارسه الشيخ مبارك.وقد تعهدت الحكومة العثمانية من جانبها بأنها لن ترسل قواتها الى الكويت،* ‬وبأنها ستبذل كل ما في* ‬وسعها من أجل اقناع ابن الرشيد أمير نجد والعدو اللدود للشيخ مبارك،* ‬بانتهاج سياسة سليمة نحو الكويت*.‬
أما بالنسبة لبريطانيا فقد تعهدت بألا تعلن الحماية على الكويت أو أن ترسل قواتها عليها،* ‬وبأن تقنع الشيخ مبارك بوقف اغارته على نجد*. ‬وقد عبرت السلطات التركية* - ‬البريطانية عن رضائهما على هذا الاتفاق الذي* ‬صدر في* ‬سبتمبر* ‬1910م،* ‬أما الأتراك فقد رضوا لأنهم استعادوا سيادتهم الشكلية على الكويت،* ‬بينما رضي* ‬البريطانيون لأن الكويت دخلت تحت سيطرتهم من الناحية الفعلية،* ‬ولأنهم سيتمكنون نتيجة لهذا الاتفاق من المشاركة على قدم المساواة مع الألمان،* ‬والواقع أن المصالح التجارية البريطانية كانت تتمتع بحماية شروط ملزمة من أية رسوم أو مكوس تفضل أية دولة أخرى عنها في* ‬المعاملة*.‬
فعندما قدمنا الأدلة القاطعة التي* ‬تثبت أن الكويت لا تتبع أي* ‬ولاية من ولايات بلاد الرافدين،* ‬وأن الكويت مستقلة بكيانها،* ‬فلو نظرنا أيضاً* ‬من الناحية الجغرافية* ‬يتبين لنا حتى جغرافياً* ‬الكويت لم تكن* ‬غير مرتبطة مع بلاد الرافدين*. ‬

 

 

 

رد مع اقتباس